القاهرة | هل بدأت محاسبة رجال عبد الفتاح السيسي في الإعلام؟ سؤال بات مطروحاً بقوة، ليس فقط مع الحديث عن الإطاحة بالمقدّم أحمد شعبان (مدير مكتب رئيس المخابرات)، وإنما أيضاً بعد إلقاء قوات الأمن القبض على الضابط السابق، ياسر سليم، الذي شغل منصب نائب رئيس «المجموعة المتحدة» التي لا تزال تدير المشهد الإعلامي. وكان الرجل أُقصي قبل عام ونصف عام تقريباً، ليكتفي بالظهور في المطعم الذي يملكه، قبل توقيفه فجر أمس وتسريب صورة له أثناء وضعه في سيارة الشرطة تمهيداً لترحيله إلى قسم الشرطة، وذلك تنفيذاً لما قالت الأجهزة الأمنية إنها أحكام قضائية صادرة في قضايا وقّع فيها شيكات من دون رصيد.قبل أكثر من ثلاث سنوات، ومع بداية سيطرة المخابرات على الإعلام، شكّل سليم الواجهة التي جرى التعامل عبرها مع شخصيات في هذا المجال. فضابط المخابرات السابق كان لا يكلّ ولا يملّ من السهر مع الفنانين والفنانات: يوزّع أدواراً في أعمال درامية، ويتفق على برامج جديدة في الراديو والتلفزيون، ويقرر إطلاق برامج ويلغي أخرى، ويمنح رواتب كبيرة لمذيعات لمجرّد قربهن منه، بينما يعلن خططاً للتطوير لا تستمرّ على الشاشة أسابيع قليلة، كما حدث في التلفزيون الرسمي، فضلاً عن إطلاق إذاعة لم تستمرّ سوى أشهر! شراكات كثيرة دخلها سليم، وشيكات أكثر وقّعها، بل كان يوقّعها في المطعم الذي يملكه قبل أن يجد نفسه مسجوناً بقيمة هذه الشيكات بعد الخسائر التي منيت بها جميع المشاريع التي دخلها على مدار أكثر من عامين ظلّ فيهما اسماً في المعادلة الإعلامية والفنية، جنباً إلى جنب رفيقه شريف خالد الذي وقّع تعاقداً بملايين الجنيهات مع الفنان عمرو دياب لبرنامج تلفزيوني لم يخرج إلى النور. وفيما لم تُعرَف بعد طبيعة الشيكات التي وقّعها الضابط الموقوف ولم يستطع تسديدها باستثناء أنها لـ«المجموعة المتحدة»، بات أكيداً أن شخصيات أخرى وقّعت على شيكات (من دون تحديد قيمة المبلغ) مقابل توفير خروج آمن مؤقت لها، ريثما يتمّ الانتهاء من مراجعة ما فعلته.
ولا يبدو أن توقيف سليم سيكون الأخير؛ إذ يدور الحديث عن تحميل بقية الأشخاص الذين تسبّبوا بخسائر لأجهزة الدولة، عبر دفعها إلى ضخّ أموال في مشروعات فاشلة، مسؤولية ما أقدموا عليه، وإرغامهم على دفع قيمة الخسائر من أموالهم الخاصة. ومن هنا، تسود حالة من الترقب لما سيحدث، في ظلّ اضطراب مسيطر على جميع المسؤولين في الإعلام، سببه عملية إعادة الهيكلة الجارية على خلفية السعي لتلافي أخطاء الماضي. ووسط ارتباك لدى الأجهزة الأمنية وصنّاع القرار، يطغى تساؤل حول مَن سيكون الضحية التالية، خاصة أن حصانة الضباط السابقين، والتي كانت وفّرت لهم حماية بعد الخروج من المنصب والابتعاد عن المشهد لسوء الإدارة أو الفشل، لم تعد أبدية، وفق ما يُراد الإيحاء به من خلال الخطوات الأخيرة.