في موقف تصعيدي يعكس رؤية بغداد للأزمة المستمرة منذ الـ1 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بُعيد انطلاق التحرّكات المطلبية، أقرّ رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، بـ«وقوع أخطاء في ملف حقوق الإنسان»، لكنه أشار إلى أن ثمة «اعتداءً وقع على النظام العام خلال الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع»، مشدّداً على أن «الدولة لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي، وإلا فإن النظام سينهار، وإذا انهار النظام العام فهذه خسارة للجميع لأنه سيؤدي إلى صدام أهلي خطير». وعزّز عبد المهدي «دفاعاته» قائلاً إن «الدولة تواجه ضغطاً شديداً، وإنها في حالة الدفاع عن النفس، ومن واجبها حماية النظام العام والمواطنين على حدّ سواء»، مؤكداً أن «السلطات مصمّمة على فرض القانون في مواجهة التظاهر غير السلمي، بالتوازي مع حماية حق التظاهر السلمي وحقوق المواطنين في الحياة والعمل والدراسة، وتأمين الممتلكات الخاصة والعامة، واتخاذ الإجراءات القانونية لضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة ومصالح المواطنين».ولفت عبد المهدي، خلال اجتماع مجلس الوزراء، إلى أنه يمكن «تعديل العديد من القوانين التي يطالب المتظاهرون بتعديلها»، على أن يكون ذلك «وفق القانون وبطريقة سلمية»، في تلميحٍ إلى ضرورة إرساء الاستقرار الأمني لتحقيق إصلاحات سياسية. وفي هذا الإطار، تربط مصادر حكومية ونيابية انطلاق عجلة الإصلاح بعودة الهدوء إلى الشارع، الذي بدا خلال الساعات الماضية وكأنه ينحو باتجاه تصعيد خطير في مدينتَي النجف وكربلاء، في ما فُسّر على أنه محاولةٌ للضغط على «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) للخروج بموقف «قاسٍ» من الحكومة والقوى السياسية يوم غد. ووفق معلومات «الأخبار»، التي سبق وأن أشارت إلى أن الحكومة قد هيّأت نفسها لـ«موجة جديدة من المواجهات»، فإن اختيار المدينتين جاء لخصوصيتهما لدى «المرجعية»، التي ترفض أن «تطاولهما أيّ نار». وعليه، فإن ما حصل من قطع طرق وإغلاق جسور ومواجهات عنيفة بين القوات الأمنية و«عصابات إجرامية»، بحسب مصادر أمنية، هدفه دفع «المرجعية» إلى اتخاذ موقف مغاير للموقف السابق، الذي منحت بموجبه الحكومة والقوى «فرصةً لإثبات جدّيتها في تحقيق الإصلاحات»، وأوّلها إقرار قانون انتخابات عادل، وتغيير «المفوضية العليا للانتخابات».
تربط مصادر حكومية ونيابية انطلاق عجلة الإصلاح بعودة الهدوء إلى الشارع


على خطّ موازٍ، بدا لافتاً أمس اقتحام المتظاهرين القنصلية الإيرانية في النجف (غادرت البعثة الدبلوماسية المقرّ قبل دقائق من اقتحامه ومن ثم إحراقه)، في ظلّ مواجهات عنيفة بينهم وبين القوات الأمنية، في وقت قالت فيه «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «المحتجين واصلوا إغلاق عدد كبير من الطرقات وسط مدينة كربلاء وعند مداخلها». هذا المشهد الدموي انسحب أيضاً على العاصمة بغداد ومدن جنوبية أخرى، بالتزامن مع تعطيل أصاب الكثير من المرافق العامة جرّاء إغلاق الطرقات واستمرار الاعتصامات. وفي الديوانية، الواقعة جنوب كربلاء، أُغلقت الدوائر الحكومية والمدارس، في حين قطع متظاهرون أغلب الطرق بإطارات مشتعلة لمنع الموظفين من الوصول إلى مقارّ أعمالهم، وانسحبت قوات الأمن لتجنب المواجهة مع المحتجين. كما أُغلقت الدوائر الحكومية والمدارس في مدن الكوت والحلة والنجف. كذلك، تواصلت الاحتجاجات في البصرة والناصرية، حيث تقع حقول رئيسة للنفط، إذ اعتصم متظاهرون عند شركة نفط ذي قار الحكومية شرق الناصرية، فيما أفاد مسؤولون في البصرة، وكالة «أسوشيتد برس»، بأن استمرار إغلاق الطريق المؤدي إلى ميناء أمّ قصر التجاري، على رغم تدخل قوات الأمن لإبعاد المتظاهرين عن بوّابته، تسبّب بتعطيل التجارة عبره بنسبة 50%.