بغداد | 38 يوماً وتنقضي المهلة التي حدّدتها القوى السياسية للحكومة لتنفيذ حزمها الإصلاحية، على طريق تنفيس غضب الشارع، وترميم الثقة مع «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) والجمهور. لكن إلى الآن، يبدو أن «المنهج السلحفاتي في التنفيذ لا يزال متّبعاً، ما يضع الحكومة في موقفٍ يُصعّب الدفاع عنها». في هذا الوقت، تتصاعد التوترات الأمنية على عكس ما ترغب فيه القوى السياسية المُوقّعة على الوثيقة، والتي شددت على أن «تنفيذ الإصلاحات مرهونٌ بالاستقرار الأمني، بعيداً عن حملات التهويل والوعيد بإشعال الشارع مرة أخرى». إذ شهدت العاصمة وعدد من مدن المحافظات الجنوبية (كربلاء والنجف والديوانية والناصرية والبصرة) تصعيداً في الساعات الماضية نجم عنه مقتل متظاهرَين اثنين، توازياً مع سقوط 6 قتلى على الأقلّ، وإصابة 15 آخرين في ثلاثة تفجيرات منفصلة وقعت أمس في بغداد، من دون أن يتبنّى مسؤوليتها أحد.هذه التوترات تراها مصادر حكومية «معرقِلةً للحركة الإصلاحية»، معتبرة أنها «تخدم جهات سياسية تضرّرت من الاتفاق الحاصل». وفي الحديث عن تلك الجهات، تُوجَّه أصابع الاتهام إلى «التيار الصدري» الذي يشير مقرّبون منه إلى «استعدادات لتحشيد الناس في بغداد والمحافظات الجنوبية، للمشاركة يوم الجمعة القادم في تظاهرات مليونية بعنوان: جمعة سحب الشرعية» من عبد المهدي. وهو ما ترى فيه مصادر مطلعة «تهويلاً لا مبرّر له» بعد نجاح القوى السياسية في التوصّل إلى «حلّ عقلاني نوعاً ما»، رافقته تطمينات للصدر بـ«أن حزم الإصلاحات لا يمكن أن تنفّذها جهات دون أخرى، إنما بتعاون جميع القوى وعلى رأسها التيار والصدر (المستقرّ حالياً في مدينة قم الإيرانية)»، الذي استشعر أخيراً أنه «طُعن في الظهر»، علماً بأن الاتفاق معه «لم يكن كذلك، بل حفاظاً عليه» وفق ما تقول المصادر نفسها. بناءً عليه، ثمة تخوف من أن يُترجَم الامتعاض «الصدري» تصعيداً على الأرض، وخصوصاً أن الصدر لا يزال يرى إلى الآن في الشارع «ملعبه» الرئيسي على ما يبدو.
تطمينات للصدر بأن حزم الإصلاحات لا يمكن أن تنفّذها جهات دون أخرى


إزاء ذلك، ترى بعض قوى «تحالف الفتح» (تجمّع الكتل الممثلة لـ«الحشد الشعبي») في «التهويل الصدري» ترجمةً لـ«مرحلة كسر العظم» التي دخلتها البلاد، معتبرة أن الصدر يسعى إلى تثبيت «القاعدة» الآتية: أيّ مخرجٍ للتظاهرات لن يكون عبر بوابة «المرجعية» أو «وثيقة الشرف»، إنما عبر مشروعه وبزعامته. ولذا، فهو عاد إلى رفض «الوثيقة» وقانون الانتخابات المقترح (الذي أنهى البرلمان الأسبوع الماضي قراءته الأولى)، ولا سيما أن من تصدّر جهود «المبادرة الإصلاحية» هو زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، مع ما بينهما من «حساسية مفرطة».
انطلاقاً من تلك المعطيات، ثمة من هو مقتنعٌ بأن «مواجهةً ما على الأبواب»، فيما تنكبّ الحكومة على الاستعداد لمواجهة «تمدّد الفوضى إلى ساحات جديدة واتخاذها أنماطاً أخرى»؛ بل إن الحكومة ــــ وفق مصادر مطّلعة ــــ قد تذهب إلى تسمية جهات بعينها، وتحميلها مسؤولية أيّ تعقيد للمشهد، واعتبارها «متمرّدة على القوى الأمنية». وتقول مصادر عاملة في مكتب عبد المهدي، في تعليقها على ذلك، إن «الحلول استنفدت... والساعات القليلة المقبلة ستؤشر إلى أين ستذهب الأمور».