بدأ المرشحون الخمسة في انتخابات الرئاسة الجزائرية حملاتهم الانتخابية، على الرغم من رفض شريحة واسعة من الشارع الجزائري لهذه الخطوة.فبعد تسعة أشهر من الحركة الاحتجاجية، التي دفعت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة، ما زال الشارع يرفض انتخاب رئيس خلفاً له. وقد أسقط انتخابات كانت مقرّرة في الرابع من تموز/ يوليو الماضي، لعدم وجود مترشحين.
وعلى خلاف مطالب الشارع المحتجّ، تبدو السلطات مصرّة على تنظيم الانتخابات المقرّرة 12 كانون الأول/ديسمبر، مع تقدم خمسة مرشحين للتنافس من أجل الوصول إلى قصر المرادية (مقر رئاسة الجمهورية).
ودعت قيادة الجيش أمس «جميع المواطنين الغيورين على وطنهم إلى المساهمة النشيطة إلى جانب قوات الجيش... للوقوف صفاً واحداً لإنجاح هذا الموعد المصيري في حياة ومستقبل البلاد»، كما جاء في بيان لوزارة الدفاع.
والمرشحون الخمسة هم عز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة لحزب «التجمع الوطني الديمقراطي» وعبد القادر بن قرينة رئيس «حركة البناء الوطني» وعبد المجيد تبون المرشح الحر وعلي بن فليس رئيس حزب «طلائع الحريات» وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب «جبهة المستقبل».
وبدأ علي بن فليس (75 عاماً) رئيس الحكومة بين عامي 2000 و2003 خلال الولاية الأولى لبوتفليقة، حملته الانتخابية من تلمسان (غرب). وبرّر اختياره المشاركة في الانتخابات بـ«إطفاء النار وإنهاء حكم العصابة الفاسدة والعودة إلى الحكم الديمقراطي»، كما جاء في خطاب نقلته قناة «النهار».
وهُزم المحامي بن فليس مرتين في الانتخابات الرئاسية ضدّ بوتفليقة في عام 2004 ثم في عام 2014، وفي الحالتين تحدث عن تزوير.
وخارج القاعة التي كان يخطب فيها بن فليس تجمّع عشرات المحتجين وهم يرددون هتافات بينها «لا للانتخابات في تلمسان» و«وبن فليس إرحل»، كما نقلت وسائل إعلام محلية منها وكالة الأنباء الرسمية، التي أشارت أيضاً إلى توقيف الشرطة لأشخاص «حاولوا إثارة الفوضى».
أما عبد المجيد تبون (74 عاماً) رئيس الوزراء خلال ثلاثة أشهر فقط، فاختار أن يبدأ حملته الانتخابية من جنوب البلاد بولاية أدرار الاثنين، بينما خصّص اليوم الأول من الحملة «لاجتماعات تنظيمية داخلية»، كما صرح لوكالة «فرانس برس» عبد اللطيف بلقايم من المكتب الإعلامي للمترشح.
وإلى أدرار أيضاً توجه المرشحان عز الدين ميهوبي (60 عاماً) وعبد العزيز بلعيد (56 عاماً) في اليوم الأول من الحملة.
ومن ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة بدأ المرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة حملته الانتخابية، ووعد بأن يحول المكان إلى «متحف للحراك الشعبي» باعتباره نقطة التقاء كل الاحتجاجات منذ 22 شباط/ فبراير.
وأمام نحو مئة مناصر له، قال بن قرينة: «أُعلن انطلاق الحملة الانتخابية من الدرج نفسه الذي كنت أقف فيه مع الملايين خلال الحراك الشعبي في أسابيعه العشرة الأولى». وأضاف أن الحراك «أسقط امبراطوريات الفساد السياسي والمالي» و «أسّس لجزائر جديدة».
وترفض الحركة الاحتجاجية إجراء الانتخابات تحت إشراف الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح وحكومة نور الدين بدوي وحتى رئيس الأركان الرجل القوي في السلطة الفريق أحمد قايد صالح.
ولا أدلّ على هذا «الرفض» بحسب المحلل السياسي محمد هنّاد، من أن أياً من المرشحين لم ينشر صوره في الأماكن المخصّصة لذلك في العاصمة.
وظلت اللوحات المخصّصة لدعاية المرشحين في وسط العاصمة خالية من صورهم بينما «قام ناشطون بإلصاق صور بعض المعتقلين على بعضها» و«كُتبت عبارات سبّ وشتم على أخرى»، على حد قول هناد.
وقال أستاذ القانون والعلوم السياسية إسماعيل معراف إن«الحركة الاحتجاجية ستعرف تصعيداً في تعبئتها وسيزداد عدد المتظاهرين. لكن في غياب قيادة له بعد أن تم اعتقال أغلبهم والحصار الإعلامي فلن يمنع ذلك من إجراء الانتخابات».
ورغم ذلك فإن المَهمة ستكون «صعبة» على المرشحين كما كتبت صحيفة «الخبر» التي اعتبرت أنهم «سيجدون صعوبة في تجنيد المتردّدين» الذين يرون أن «النتيجة محسومة مثل مختلف المواعيد السابقة» التي شهدت تزويراً للنتائج حسب المعارضة. وينتظر أن تستمر الحملة الانتخابية 21 يوماً لتنتهي قبل ثلاثة أيام من موعد الاقتراع.
وقالت «الخبر» إن «السلطة المقامرة فضّلت، حسب خصومها، الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية وإنهاء شغور منصب الرئيس على حساب الانسجام الاجتماعي للجزائريين، مختارة الحل الدستوري، الأقل تكلفة لها، أي الذهاب إلى انتخابات بمن حضر».