غزة | بعيداً عن الحسابات السياسية، سارعت المقاومة الفلسطينية إلى الرد على اغتيال القيادي في «سرايا القدس»، الذارع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، بهاء أبو العطا، في غزة، واستشهاد نجل عضو المكتب السياسي للحركة، أكرم العجوري، معاذ، خلال محاولة اغتيال والده في دمشق، بجانب استشهاد وإصابة آخرين من عائلاتهم ومرافقيهم. الصواريخ، التي أطلقتها المقاومة وزادت عن 160 حتى منتصف الليل، توزعت ما بعد «غلاف غزة» وصولاً إلى ضواحي تل أبيب، أي من شعاع 40 كلم إلى 60، مع استهدافٍ مركّز بالهاون لنقاط تجمع جنود العدو الإسرائيلي على الحدود وكذلك «غلاف غزة». وبينما تبنت إسرائيل فكرة أن تمتص المقاومة الاغتيال على أنه «تصفية حساب» أو «عملية منفردة» دون خطوات لاحقة، ترفض الفصائل هذه المعادلة؛ وتوضح مصادر مسؤولة أن «الضوء الأخضر» أُعطي للأجنحة العسكرية لتقدير الموقف الميداني والرد بناء على خطط وسيناريوهات سبق أن اتّفق عليها بينها، خاصة أن الحد الأدنى المتفاهم عليه هو أن عدم الرد يعني كسر العدو للمعادلة التي رسختها الفصائل، وفتحاً للباب على اغتيالات لاحقة ستطاول الفصائل كافة. فضلاً عن ذلك، أدت الغارات الإسرائيلية أمس إلى ارتقاء تسعة شهداء آخرين منهم مقاومون من فصائل عدة ومدنيون، وهو ما يعني أن الاعتداء تخطى عملية الاغتيال بحد ذاتها.من جهة أخرى، وعلى رغم استمرار رد المقاومة منذ فجر أمس، لم تيأس القاهرة من مواصلة الاتصالات لـ«احتواء الموقف» لكن دون استجابة من «الجهاد الإسلامي». وعلمت «الأخبار» من المصادر أنه منذ وقت باكر أمس أجرى جهاز المخابرات العامة المصرية سلسلة اتصالات مع الفصائل، خاصة «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، اللتان أبلغتاه أنه من المبكر الحديث عن تهدئة، على الأقل خلال الساعات الـ48 الأولى، وقبل «رد واسع وكبير على جريمة الاغتيال». وبينما رفضت «الجهاد الإسلامي» مبدأ الحديث عن تهدئة الآن، كشفت المصادر أن «حماس» أبدت تجاوباً أولياً مع الاتصالات المصرية، لكنها رهنت ذلك بموقف «الجهاد» التي أبلغت بدورها أن تفكيرها الآن محصور في ما تريده المقاومة لا ما يريده العدو الإسرائيلي.
رفضت «الجهاد الإسلامي» الحديث عن تهدئة قبل «إتمام الرد الواسع»


بالتوازي مع ذلك، أجرت «حماس» و«الجهاد» مباحثات تفصيلية حول آليات الرد على الاعتداء الذي مثل كسراً لقواعد الاشتباك، ما أفضى إلى التوافق على أن «سرايا القدس» هي الموكّل الأساسي بالرد باعتبارها «ولي الدم»، ومن ثمّ تدخل الأجنحة العسكرية الأخرى المنضوية ضمن« غرفة العمليات المشتركة» في حال استدعى الأمر ذلك طبقاً لـ«رؤية توافقية». في هذا الإطار، ورداً على المحاولات الإسرائيلية لضرب العلاقات بين الحركتين، قال القيادي في «حماس» أسامة حمدان، في تصريحات تلفزيونية أمس، إنه من الطبيعي أن يكون الرد الأول على عملية الاغتيال من «الجهاد الإسلامي»، مضيفاً: «ليس ضرورياً أن نتكلم على كل ما يجري في الميدان، وفي الساعات المقبلة ستتضح الرؤية للجميع وسيسكت المشككون، ولن يكون إخوتنا وحدهم في الميدان».
بالتوازي مع ذلك، تلقت «حماس» اتصالات من الوسيط الأممي نيكولاي ملادينوف، وأيضاً من السفير القطري محمد العمادي، وطلب كل منهما «ضبط الأوضاع» خشية الذهاب إلى مواجهة واسعة و«شديدة التدمير» لغزة، فيما وصفت المصادر المشهد عامة والاتصالات خاصة بـ«الموقف المعقد». وضمن مساعي التهدئة، استدعت مصر ملادينوف على نحو عاجل مساء أمس إلى القاهرة، فيما سيكون اليوم حاسماً ميدانياً أكثر من الجانب السياسي، ولاسيما أن تقديرات إسرائيل، وإن خفّضت من مستوى الاستنفار على صعيد الداخل، فإنها لا تغامر باعتبار أن ما حدث هو الرد كلّه. كما أن مصادر في المقاومة ترى في التصعيد الأخير حساباً مفتوحاً، وفرصة لإنهاك الجبهة الداخلية الإسرائيلية ثم توجيه ضربة قوية «تكوي الوعي الإسرائيلي» كي لا يفكر مرة أخرى في اغتيال أحد.