طرابلس | اتهم التقرير الأخير الذي أعدّه خبراء من الأمم المتحدة بشأن ليبيا، وسُلّم إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، كلاً من الأردن والإمارات وتركيا، بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على البلاد منذ إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011. ولئن بدا اتهام الإمارات وتركيا طبيعياً، فإن اللافت والمثير للتساؤلات هو ظهور اسم الأردن في التقرير. مردّ ذلك أن عمّان لم تكن ظاهرة على الساحة الليبية، على رغم ميلها إلى معسكر المشير خليفة حفتر، الذي دائماً ما اتّسمت زياراته للمملكة الهاشمية بالحفاوة، علماً بأنه التقى الملك الأردني عبد الله الثاني في أيار/ مايو 2015، وتتالت بعد ذلك زياراته الرسمية التي قابل في خلالها مسؤولين كباراً في الدولة الأردنية. وتشير تقارير إلى أن الأردن سلّم حفتر عربات عسكرية؛ من بينها المركبة «Al Mared 8×8»، وهي من إنتاج وتصميم «مركز عبد الله الثاني للتصميم والتطوير»، والمركبة المدرعة «Mbombe 6×6» التي يتم إنتاجها وتجميعها بشكل مشترك بين الأردن وجنوب أفريقيا من قِبَل شركة «Paramount» للصناعات العسكرية. كذلك، خرّج الأردن من وحدات مختلفة في كلياته العسكرية دفعات متتالية من قوات حفتر منذ عام 2015 حتى الآن. ويعتبر رئيس لجنة الأمن في «المجلس الأعلى للدولة» التابع لمعسكر غرب ليبيا، بالقاسم دبرز، أن «المملكة الأردنية متورطة في الدم الليبي» بدعمها حفتر، حتى قبل إصدار خبراء الأمم المتحدة تقريرهم الخاص بانتهاك حظر التسليح على ليبيا»، عازياً ذلك إلى أن «الأردن هو من ضمن الدول المتحالفة ضد ثورات الربيع العربي، والمتخوفة من أن يطالها التغيير، مثل الإمارات والسعودية ومصر التي أُجهضت ثورتها». ويلفت دبرز، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الأردن درّب عناصر من ميليشيات حفتر بشكل مستمر، إضافة إلى تزويد تلك الميليشيات بأسلحة خفيفة وعربات مدرّعة ينتجها الأردن، والتعاون الأمني والاستخباري الدائم مع حفتر الذي يتعامل مع عمّان بشكل وثيق، ويعتبرها نقطة رئيسة لمحطاته واجتماعاته». ويشير إلى أن «هناك فريقاً قانونياً من الخبراء، يعملون على تجميع الأدلة والبراهين لكل الدول المتورطة في دعم حفتر وحربه على العاصمة طرابلس لملاحقتهم أمام المحاكم المختصة».
الرؤية الإماراتية ــــ السعودية تنعكس بشكل واضح على مواقف عمّان


في المقابل، أعرب عضو مجلس النواب المنعقد في طبرق، علي القايدي، عن اعتقاده بأن الأمم المتحدة «لم تكن جادّة» في منع تدفق السلاح إلى ليبيا خلال السنوات الماضية، على رغم كلّ التقارير الدورية في هذا الشأن. ويذهب إلى أن «هناك تواطؤاً من البعثة الأممية ومن المجتمع الدولي على السماح للسفن بدعم الأطراف الموجودة في طرابلس بالسلاح، على رغم وجود مراقبة من عملية صوفيا التي يفترض أن تراقب الشواطئ الليبية». ويثني القايدي على الدور الأردني في ليبيا، قائلاً في تصريح إلى «الأخبار» إن «الأردن بلد شقيق، ونُقدّر مساعدته في تأهيل كادر حقيقي لتدريب أبنائنا في المؤسسة العسكرية بقيادة الجنرال حفتر، لأننا بصدد إنشاء دولة لها جيش قوي». ويلفت إلى أن «قوات الجيش بقيادة الجنرال حفتر في حاجة ماسّة إلى قطعة رصاصة واحدة لحماية ليبيا، وخاصة أنها اليوم على أبواب العاصمة طرابلس»، مضيفاً إن «مجلس النواب في طبرق يرحب بمن يريد مساعدة الشعب الليبي».
من جهته، يرى المحلل السياسي موسى حسن، أن «الرؤية الإماراتية ــــ السعودية تنعكس بشكل واضح على مواقف الأردن في القضايا الإقليمية والدولية، ومن بينها الملف الليبي». وفي شأن موقف حكومة «الوفاق» من تدخل الأردن عسكرياً لمصلحة حفتر في حربه على طرابلس، يعتبر حسن في حديثه إلى «الأخبار» أن «موقف الوفاق ضعيف تجاه الدول التي تدعم حفتر بالمعدات العسكرية، ولا يُتوقع أن تتخذ الحكومة أي خطوات دبلوماسية في هذا الاتجاه»، متابعاً أن «دبلوماسية الوفاق، إذا تحركت بشكل جيد للتواصل مع السلطات الأردنية، فقد يُغيّر الأردن من توجّهه إزاء حفتر، أو على الأقلّ يتخذ موقف الحياد من النزاع الليبي»، وفي حال عدم التجاوب «يتم اللجوء إلى الأمم المتحدة وتقديم شكوى رسمية في حق الأردن».