القاهرة | تواصلت في مصر ردود الفعل على واقعة وفاة شاب وإصابة صديقه، إثر إجبارهما على القفز من القطار بفعل عجزهما عن سداد ثمن التذكرة، وسط تناقض على المستوى الرسمي في التعامل مع القضية. وفي تفاصيل الحادثة أن اثنين من الشباب الذين يعملون بالأجر اليومي، طلب منهما «كمسريّ» أحد القطارات السريعة (موظف التذاكر) سداد رسم التذكرة (70 جنيهاً مصرياً، ما يعادل خمسة دولارات أميركية)، لكنهما قالا إنه ليس لديهما مال. ومع تطور السجال خلال الطريق من الإسكندرية إلى القاهرة، قرّر الشابان القفز لدى تخفيف القطار سرعته، بعدما خيّرهما الموظف بين ذلك وبين تسليمهما لقوات الشرطة في محطة الوصول. وعلى رغم محاولات ركاب سدادَ الأجرة عنهما، إلا أن الموظف رفض تلقيها من غيرهما، وفتح لهما الباب كي يقفزا، ليموت الأول وتُبتر يد الثاني الذي يتلقّى العلاج في مستشفى حكومي في مدينة طنطا في دلتا مصر، من دون أن يتحدد موعد خروجه من المستشفى. الشاب الضحية، محمد عيد عطية، كان ينفق على عائلته المكوّنة من أشقائه ووالدته المريضة، وذلك من عمله في صناعة الميداليات التي اعتاد صناعتها في القاهرة والسفر إلى الإسكندرية من أجل بيعها على الشاطئ. وفي يوم الحادث، لم يتمكن من بيع أيّ قطعة بسبب الأمطار الغزيرة التي أدت إلى التزام المواطنين منازلهم، فقرّر العودة مع صديقه من دون أن يتمكنا من بيع أي شيء، ولذا لم تكن في حوزتهما نقود لسداد قيمة التذكرة.
يشيع إجبار الموظفين الركابَ على القفز من القطار إذا لم يدفعوا

الغضب الشعبي على الواقعة، التي ليست الأولى من نوعها بالنظر إلى أن القطارات في مصر دائماً ما تُسبّب موت المواطنين، حرّك المسؤولين بسرعة. وبينما حرص وزير النقل، كامل الوزير، على تعزية أسرة الضحية وصرف تعويض بقيمة 100 ألف جنيه لها، مع تعيين أحد أقاربها في «هيئة سكك الحديد»، صدر قرار بوقف «الكمسريّ» عن العمل وإحالته على التحقيق الداخلي، توازياً مع التحقيق القضائي الذي باشرته النيابة. وكانت «هيئة سكك الحديد» اضطرت لتغيير موقفها تحت ضغط مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما اتهمت الشابين بأنهما قررا القفز. وعلى خلاف البيان الرسمي الذي صدر بعد وقت وجيز من الواقعة، جاءت روايات شهود العيان لتفيد بأن الموظف فتح الباب المغلق عادة في هذه الرحلات، وطلب من الشابين القفز، ثم أغلق الباب من دون أن يبلغ أيّ جهة بما حدث، علماً أن حوادث القفز من القطارات تقع غالباً عندما يقرر الشباب اختيار الحلّ الأسهل نظرياً بالنزول من القطار أثناء تخفيفه سرعته، هرباً من سداد تعريفة الركوب أو ملاحقة الشرطة.
من جهتها، قرّرت النيابة حبس الموظف أربعة أيام على ذمّة التحقيقات، مع إحالته على «مصلحة الطب الشرعي» لبيان تعاطيه المواد المخدرة من عدمها، فيما وجّهت إليه اتهاماً بالقتل بالترويع في التحقيقات الأولية المنويّ استكمالها خلال ساعات، وسط توقعات بإحالته على المحاكمة الجنائية خلال مدة وجيزة. لكن «الكمسري»، ويُدعى مجدي همام، نفى إجباره الشابين على القفز، قائلاً إنه فوجئ بعدم حملهما التذاكر، ما دفعه إلى مطالبتهما بثمنها، فتحدثا معه «بطريقة غير لائقة»، كما امتنعا عن الدفع. وفي شأن فتح الباب أثناء سير القطار، ادعى أنه أراد معرفة السبب في تهدئة السرعة بعد وقت قليل من تحرك القطار، لكن الشابين غافلاه وقفزا خوفاً من ملاحقتهما في قسم الشرطة. وسط ذلك، أقرّت النيابة الاستماع لأقوال مسؤولين في «هيئة سكة الحديد» خلال الأيام المقبلة لمعرفة الإجراءات المتبعة في الحالات المشابهة، مع معرفة مدى مسؤولية «الكمسري» ورئيس القطار عن أبواب القطار أثناء تحركه، بالإضافة إلى الاستماع لأقوال شهود العيان الذين كانوا في القطار وكذّبوا رواية الموظف، قائلين إنه أجبر الشابين على القفز.