مقالات مرتبطة
الاتفاق معرّض لأن يعاني الكثير من المتاعب أثناء التنفيذ
بناءً على ما تقدم، يبدو اتفاق جدة معرّضاً لأن يعاني الكثير من المتاعب أثناء التنفيذ بسبب الفجوات الواسعة بين المكوّنات الموقّعة عليه، والاختلالات التي ينطوي عليها، وأبرز تجلّيات ذلك:
ــــ آثار القتال الأخير في الصيف بين الطرفين («الشرعية» و«الانتقالي»)، والذي أدى إلى سقوط مئات القتلى، وكان من نتائجه تقطيع جنوب اليمن إلى أجزاء ومربعات تتحكم بها الفصائل والأحزاب والقبائل باسم مموّلي الطرفين (السعودية والإمارات).
ــــ الإشكالية السياسية الكبرى، والتي تعتبر مانعاً مستعصياً على الحل، هي إلزامية الشراكة بين حزب «الإصلاح» («الإخوان المسلمين» في اليمن) و«المجلس الانتقالي». وهذه الإشكالية لها بعدان: الأول، محلّي حيث بلغت الخصومة بين الطرفين حدّ الفجور ورفض قبول الآخر تحت أيّ ظرف، وخصوصاً أن كثيراً من الجنوبيين يتّهمون «الإصلاح» بأنه المتسبّب في احتلال أراضيهم في حرب عام 1994. والثاني، إقليمي متعلّق بدولة الإمارات الممثّلة بـ«الانتقالي» في اتفاق جدة، إذ تنظر أبو ظبي إلى الصراع مع «الإخوان» بمن فيهم «الإصلاح»، بالوجودي وغير القابل للمهادنة. ولم يستطع الطرفان (الإمارات و«إخوان» اليمن) سابقاً التعايش بموجب أيّ صيغة من الصيغ، على رغم المحاولات المتكرّرة التي بذلتها «الشقيقة الكبرى» (السعودية) في سبيل ذلك.
ــــ لم يلحظ الاتفاق القوى الجنوبية والشخصيات السياسية والقبلية والمناطقية، وبعضها لها حيثيات تاريخية وشعبية، وقد قاتلت مع طرفَي «التحالف» (السعودية والإمارات) في الصراعات المختلفة في اليمن، الأمر الذي يعني أن على الرياض أن تكون مستعدة لمواجهة جولات دامية في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفرز الجديد سيضطر الشرائح المجتمعية المتضررة إلى توليد مراكز قوى سياسية ومذهبية، ومنها ما هو مدعوم من داخل تركيبة اتفاق جدة. وفي هذا الاتجاه، وفور الإعلان عن توقيع الاتفاق، أصدرت العديد من القوى بيانات تعلن فيها رفضها لـ«الإقصاء المتعمّد» و«التفرّد بالقرار الجنوبي»، ومن بين تلك القوى «الهيئة الشعبية الجنوبية» (الائتلاف الوطني الجنوبي) وهي مكوّن يضم العديد من الأحزاب والشخصيات والقوى. وقد بعثت الأخيرة برسالتين، الأولى إلى هادي، والثانية إلى نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، بصفته راعياً للاتفاق، مشددة على أنها لا تقرّ ولا تقبل بأن يكون ذلك (اتفاق جدة) على حساب بقية القوى والمكونات على الساحة. وطالبت الجبهة بأن تكون مختلف مراكز القرار والمواقع الإدارية والدفاعية والأمنية والدبلوماسية وغيرها وفق أسس ومعايير متوافق عليها.