تحوّل اجتماع رفيع المستوى في البيت الأبيض هدَف إلى مناقشة الانسحاب الأميركي «الرائع استراتيجياً» من سوريا، إلى حفل سيرك. وفي تجلٍّ للمستوى الذي وصلت إليه السياسة في واشنطن، انفجر المجتمعون غضباً، لينطلق سيلٌ من الشتائم المتبادلة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وخصومه الديموقراطيين المعارضين لقرار الانسحاب، قبل أن يغادر هؤلاء اللقاء.بدأ الاجتماع عقب تصويت جرى في مجلس النواب، أيّد خلاله 354 نائباً (مقابل رفض 60) مشروع قرار يدين الانسحاب، بعد انضمام 129 نائباً جمهورياً إلى نظرائهم الديموقراطيين في اتفاق مشترك. المشروع الذي شكّل ضربة معنوية لترامب، وسلّط الضوء على تدهور علاقته بالكونغرس في ظلّ تحقيقات يجريها «النواب» لمساءلة الرئيس، دعا في نصّه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية شمال شرق سوريا (أُعلن عن وقفها مساء أمس)، وحضّ على استمرار الدعم الإنساني الأميركي في المجتمعات الكردية السورية.
سلّط تصويت مجلس النواب الضوء على تدهور علاقة الرئيس بالكونغرس


وفي أعقاب عملية التصويت تلك، انعقد لقاء عاصف مع ترامب، سرعان ما انسحبت منه رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر. أما سبب مغادرتهما، وفق هذا الأخير، فيعود إلى «النقد اللاذع والمبتذل» و«الإهانات» التي كان يوزّعها الرئيس، إذ وصف بيلوسي بأنها «سياسية من الدرجة الثالثة». رئيسة مجلس النواب ردّت على ترامب الذي بدا ــ كما قالت ــ «مهزوزاً للغاية» بعد التصويت الساحق من الحزبين، وكان في حالة «انهيار». وقال النائب الديموقراطي ستيني هوير، إنه وآخرين «شعروا بالإهانة الشديدة»، مضيفاً: «لقد حضرت الكثير والكثير من هذه الاجتماعات»، لكن «لم يسبق لي أن رأيت رئيساً يعامل هيئة حكومية موازية بهذا القدر من قلة الاحترام». إلا أن المشكلة لم تنته هنا، إذ انتقل ترامب إلى «تويتر»، داعياً إلى «مساعدة» المسؤولة الديموقراطية «وبسرعة! إمّا أن شيئاً ما لا يعمل في عقلها، أو أنها ببساطة لا تحب بلدنا». «انهارت بالكامل في البيت الأبيض اليوم. من الحزن رؤية ذلك. صلّوا من أجلها، إنها إنسانة مضطربة جداً»، أضاف مرفقاً تغريدته بصورة لبيلوسي.
وفي مواجهة تصاعد الانتقادات من الحزبين في واشنطن في شأن الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية من سوريا، نفى ترامب أن يكون قد أعطى إردوغان «ضوءاً أخضر» لشن عملية عسكرية، لكنه أكد أنه لم يُفاجَأ. وإذ لفت إلى أن القوات الأميركية باتت في مأمن، اعتبر أن تبعات الانسحاب ستحضّ سوريا وتركيا وروسيا على تسوية الأمور في ما بينها. وقال: «أرى أن الوضع على الحدود التركية مع سوريا بالنسبة إلى الولايات المتحدة رائع من الناحية الاستراتيجية. جنودنا خارج تلك المنطقة، جنودنا آمنون تماماً. عليهم أن يتصرفوا». وجدّد دفاعه عن موقفه في تغريدة، قائلاً: «أنا الوحيد الذي يمكنه الكفاح من أجل سلامة قواتنا وإعادتهم إلى الوطن من حروب لا نهاية لها، سخيفة ومكلفة، ثم أتعرّض للسخرية. كان الديموقراطيون يحبّذون دائماً هذا الموقف، حتى تبنّيته».