بعد مرحلة من الامتناع عن التدخل المباشر في المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، يعتزم الرئيس الأميركي باراك أوباما، ممارسة الضغوط على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال زيارته المرتقبة يوم الاثنين المقبل، الى واشنطن، لدفعه الى قبول اتفاق الإطار الذي سيقدمه وزير خارجيته جون كيري، فيما استبق نتنياهو ذلك بأنه ليس ملزماً بالموافقة على كل بند يرد في الاقتراح الاميركي. وبالتالي يمكن للمسؤول الاسرائيلي أن يعطي موافقة اجمالية ويتحفظ على بعض ما ورد فيه الاقتراح.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، التي استندت اليها التقارير الاعلامية الاسرائيلية، مع زيارة نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الى واشنطن، يبدو أن اللحظة الحاسمة بخصوص مستقبل المفاوضات، قد اقتربت، وخاصة أن الرئيس الأميركي قرر البدء بالعمل فوراً. فالبيت الأبيض أعلن أمس أن أوباما، سيستقبل أبا مازن في 17 آذار للبحث في المفاوضات.
لكن الصحيفة الأميركية أوضحت، أن قرار أوباما التدخل بنفسه في الاتصالات، ينطوي على عدد غير قليل من الأخطار، وخاصة بعد فشل محاولاته السابقة في التقريب بين الطرفين خلال ولايته الأولى، عندما مثلت المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية عنصراً أساسياً في سياسته الخارجية.
غير أنهم في البيت الابيض توصلوا الى قناعة يانه ينبغي للرئيس أوباما التدخل عندما تصل المفاوضات الى نقطة حاسمة، يصبح فيها تدخله عاملا يرجح فيه كفة النجاح على الفشل.
واستناداً الى العديد من التقارير الاسرائيلية، وغير الاسرائيلية، فقد تبنى كيري مواقف إسرائيل في كل ما يتعلق بالاعتراف بها كدولة يهودية، ودعمه لوجود اسرائيلي طويل الأمد في غور الاردن، اضف الى اقتراحه بقاء عشر كتل استيطانية تحت السيطرة الاسرائيلية. الا ان الامر الذي اثار غضب عباس، أكثر من اي قضية اخرى، هو الاقتراح بأن يكون حي بيت حنينا، في القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، الامر الذي دفعه الى وصفه بالجنون.
وكانت تقارير سابقة قد تحدثت عن أن كيري اقترح على رئيس السلطة، أن تكون ابو ديس العاصمة الفلسطينية البديلة، وهو ما رُفض في حينه على نحو تام.
الى ذلك، نفى وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، أوري أرئيل، قبول بلاده تجميد البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وذلك بعدما قالت مصادر إسرائيلية إن حكومة نتنياهو جمدت على نحو غير رسمي وهادئ البناء في المستوطنات، الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى المقامة على الأراضي الفلسطينية، استجابة لطلب أميركي.
وكانت صحيفة «يديعوت آحرونوت»، قد نقلت عن رئيس المجلس الاقليمي في غور الاردن، ديفيد الحياني، «نقلاً عن أمين الحكومة الاسرائيلية افيحاي مندلبليت» أن الحكومة قررت تجميد كل أعمال البناء في المستوطنات القائمة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى.
ويشير المسؤولون الإسرائيليون إلى الكتل الاستيطانية «معاليه أدوميم»، شرقي القدس، و«أرئيل»، شمالي الضفة الغربية، وغوش عتصيون، (جنوب)، باعتبارها الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية.
وتنبع حساسية المعطيات التي نقلها رئيس المجلس الاقليمي في غور الاردن، لجهة أنها تأتي بعد تقارير عن ضغوط أميركية على تل ابيب للتعهد بتجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، كشرط لاستمرار تمديد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، لكن أعضاء في الكنيست من الكتل اليمينية نددوا بهذا المطلب، وقدموا عريضة في حينه الى نتنياهو يدعونه فيها الى رفضه على نحو تام.
إلاّ أن نتنياهو سبق أن أشار ضمناً الى هذه المطالب بالقول «ثمة مطالب من هنا وهناك، حتى إشعار آخر»، مؤكداً أنه في مواجهة هذه الضغوط سيواصل «القيام بما ينبغي من أجل تعزيز موقف اسرائيل والحفاظ على الاستيطان».
الى ذلك، تأتي مسألة تحرير المعتقلين من فلسطينيي 48، باعتبارها أحد العوامل التي قد تؤثر في أي قرار يتعلق بمستقبل المفاوضات.
ومن المفترض ان تطلق اسرائيل 26 معتقلاً فلسطينياً، في المرحلة المقبلة، من اجل استكمال العدد 104 محررين، الذي جرى الاتفاق عليه مع بداية المفاوضات. وكان الفلسطينيون قد اشترطوا ان يشملوا معتقلين من فلسطينيي 48، لكنّ مسؤولين اسرائيليين رفيعي المستوى، يؤكدون أن نتنياهو لم يتعهد القيام بخطوة كهذه. بل إنه تعهد أيضاً أن هذه المسألة ستًطرح للبحث على طاولة الحكومة. وثمة شك كبير بأن يتمكن نتنياهو من نيل موافقة غالبية وزراء الحكومة لتمريره، لأن الكثير من وزراء الليكود اوضحوا منذ الان انهم سيعارضون ذلك.
وكان وزير الخارجية الأميركي، قد أعلن أن مفاوضات التسوية المفترض ان تدوم تسعة اشهر، ستمتد الى ما بعد موعدها النهائي في نهاية نيسان.
في المقابل (الأناضول)، رفضت القيادة الفلسطينية فكرة تمديد مفاوضات التسوية لما بعد الموعد النهائي المقرر نهاية نيسان المقبل، التي طرحها وزير الخارجية الأميركي أول من أمس، مؤكدة انه «ما من شريك ملتزم السلام الحقيقي» في الدولة العبرية.
وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة «فرانس برس»، إنه «لا معنى لتمديد المفاوضات حتى ولو لساعة واحدة اضافية، اذا استمرت اسرائيل ممثلة بحكومتها الحالية بالتنكر للقانون الدولي».
وتابع عريقات «نحاول التوصل الى اطار، وهي مهمة ضخمة عندما نعلم أننا عملنا حتى الآن طيلة هذه الأشهر السبعة في محاولة لفهم مواقف الطرفين كي نعطي دفعاً للمفاوضات النهائية».
بدورها، جدّدت حركة حماس، رفضها لخطة وزير الخارجية الأميركي، مشيرةً إلى أنها تقود إلى الاعتراف بـ «يهودية دولة إسرائيل» وتصفية «القضية الفلسطينية، وضياع الثوابت والحقوق الوطنية».