«خطوة طال انتظارها في المجال السياسي للأزمة السورية قد اتُّخذت». هكذا علّق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على إنجاز تشكيل اللجنة الدستورية، خلال كلمته أمس في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذه الخطوة، على أهميتها، لا تزال مرشّحة لأن تكون موضع خلاف، في ظلّ اختلاف رؤى الأطراف لدور اللجنة ومهماتها. وبدءاً من 30 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، موعد الجلسة الأولى للجنة في سوريا، سيكون عملها موضع اهتمام ومراقبة دولية، وربما تدخلات ترفضها تدمشق و«لن تسمح»، وفق ما أكد وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، الذي قال أمس إن أي «تآمر» خارجي على سوريا «سيعرقل عمل اللجنة». وشدد المعلم على أن «أعضاء لجنة مناقشة الدستور هم أصحاب القرار، ودور الأمم المتحدة ميسّر لعمل الأطراف، وهي لا تتدخل في جوهر النقاش»، مضيفاً أن «كل الكلام عن دساتير وصيغ جاهزة مرفوض تماماً». وشدد على «سوريّة» اللجنة، قائلاً إن «لجنة مناقشة الدستور هي بقيادة وملكية سورية، دون تدخل خارجي ودون تحديد جدول زمني لعملها». ورأى الرئيس السوري، بشار الأسد، بدوره، خلال استقباله أمس كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغرخاجي، أن «التنسيق السوري الإيراني الروسي أنجز لجنة مناقشة الدستور، بالرغم من كل العراقيل والعقبات التي حاولت فرضها الأطراف الأخرى الداعمة للإرهاب»، منبهاً إلى أن «نجاح اللجنة ووصولها إلى نتائج مفيدة مرتبطان بعدم تدخل الأطراف الخارجية». وأشار إلى أن «الولايات المتحدة والغرب عموماً فقدوا أملهم بتحقيق أهدافهم التي خططوا لها سابقاً، وما يحدث الآن هو لعبة استنزاف للموارد، وهذه هي السياسة نفسها التي يتبعونها مع إيران حالياً في موضوع الاتفاق النووي».
سيّرت الولايات المتحدة وتركيا، أمس، دورية ثانية مشتركة في شمال شرق سوريا

ومن واشنطن، جاء الترحيب الأميركي بتشكيل اللجنة في وقت متأخر من مساء أول من أمس، حيث قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، في بيان، إن الولايات المتحدة «ترحب بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة الانتهاء من تشكيل اللجنة الدستورية»، وأضافت: «بهذه المناسبة، نتقدم بالشكر للأمين العام للأمم المتحدة، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، وتركيا، وروسيا، والمجموعات الصغيرة التي اضطلعت بدور في تحقيق هذا»، من دون أن تذكر إيران التي تعتبر من المساهمين الأساسيين الثلاثة في تشكيل اللجنة، إلى جانب روسيا وتركيا. وفي سياق متصل، رحب الاتحاد الأوروبي بإعلان غوتيريش، وأعرب عن «تطلّعه لأن تعقد اللجنة أول اجتماعاتها في أقرب فرصة ممكنة». وذكر بيان صادر عن المفوضة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، أنه «بعد 8 سنوات من النزاع، الإعلان الذي قدمته الأمم المتحدة حول الاتفاق على تشكيل لجنة الدستور بما يتوافق مع القرار الأممي 2254 وعملية جنيف، هو إعلان طال انتظاره ومرحب به، ويعيد الأمل للسوريين».
ومن نيويورك، حيث عقُدت أمس الجلسة الافتتاحية للدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، رأى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أنه «يتعين تفعيل اللجنة الدستورية التي نراها مهمة للغاية من أجل ضمان سلامة تراب سوريا ووحدتها السياسية بصورة فاعلة ومثمرة»، فيما رأى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أنه يجب البدء بعمل اللجنة «في أسرع وقت»، لأن «الحل السياسي في سوريا ضرورة ملحّة». وأعاد أردوغان التذكير بمواقفه السابقة بخصوص الملف السوري، حيث اعتبر أنه «في حال مدّ عمق المنطقة الآمنة إلى خط دير الزور - الرقة، بوسعنا رفع عدد السوريين الذين سيعودون من بلادنا وأوروبا وبقية أرجاء العالم إلى 3 ملايين»، مكرراً القول إن بلاده «لا يمكنها تحمّل موجة هجرة جديدة إليها من سوريا». وحول الأوضاع في إدلب، أشار إلى أن «التفاهم الذي أبرمته تركيا مع روسيا في مدينة سوتشي (في هذا الإطار) ما زال سارياً».
ميدانياً، سيّرت الولايات المتحدة وتركيا، أمس، دورية ثانية مشتركة في شمال شرق سوريا، كجزء من الخطط لإقامة المنطقة الآمنة، وفق وزارة الدفاع التركية. وعبرت أربع مدرعات الحدود للانضمام إلى القوات الأميركية في الأراضي السورية، بحسب ما ذكرت وكالة «الأناضول»، لتسيير دوريات في محيط بلدة تل أبيض. وقالت الوزارة إنه جرى أيضاً «نشر طائرات مسيَّرة».