أسبوع كامل من الضياع على محور واشنطن - الرياض في أعقاب الضربة اليمنية لـ«أرامكو»، يكشف ضيق الخيارات أمام التوازنات القائمة في الإقليم. وأمس، وفيما كان عادل الجبير يطالب العالم بموقف صارم ضد إيران، أنهى مايك بومبيو جولته الخليجية، معلناً أن رسالة رئيسه دونالد ترامب كانت الرد بتحالف دبلوماسي يحلّ الأزمة سلمياً. وتبنى «البنتاغون» مواقف بومبيو، مشيراً إلى أنه سيقدّم إلى الرئيس خيارات لـ«الردع لا النزاع». خيارات حذّر جواد ظريف من أن يكون من بينها ضربة عسكرية ضد بلاده لن تكون عواقبها أقل من «حرب شاملة».لا تزال الولايات المتحدة، ومعها حليفها السعودي، في حالة ضياع، منذ تاريخ الهجوم اليمني على منشأتَي «أرامكو» شرق المملكة. طار موفد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وزير الخارجية مايك بومبيو، إلى جدة، ومنها إلى الإمارات، مكرراً تحميل إيران المسؤولية عن العملية. لكن الاتهام الرسمي لطهران لم يخرج بعد، سواء من الرياض أو واشنطن، وهو ما أوضحه «البنتاغون» أمس، مكتفياً باعتبار إيران «مسؤولة بشكل ما»، ومؤكداً انتظار نهاية التحقيقات. وكان المؤتمر الصحافي لوزارة الدفاع السعودية، الذي لم يتوقّف أحد كثيراً عنده، قد اكتفى بكلام عام عن نوعية الأسلحة واتجاه الضربات من دون أن يعلن رسمياً اتهام إيران. وأشار متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، أمس، إلى أن «البنتاغون» يقدّم «الخيارات للرئيس (ترامب) في ما يتعلّق بإيران»، مضيفاً أن بلاده «تقيّم الوضع حالياً، ولا تعديلات على وضعية قواتنا الموجودة في الخليج... نريد الردع لا النزاع».
حذّر ظريف من «حرب شاملة» إذا وُجّهت ضربة عسكرية إلى بلاده


وفي مؤشّر آخر على رغبة واشنطن في تجنّب الصدام العسكري المباشر مع إيران، قال بومبيو من أبوظبي: «نرغب في حل سلمي... وآمل أن ترى الجمهورية الإسلامية المسألة بالطريقة نفسها». كلام بومبيو جاء رداً على تهديد وجّهه نظيره الإيراني جواد ظريف، قبيل توجّهه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة، حذّر فيه من عمل ضد بلاده. وقال ظريف في مقابلة مع شبكة «سي أن أن»: «أقول بكل جدية إننا لا نريد حرباً، لا نريد الدخول في مواجهة عسكرية... لكننا لن نتوانى عن الدفاع عن أرضنا»، ورداً على سؤال عن عواقب توجيه ضربة عسكرية إلى بلاده، أجاب: «حرب شاملة». وبينما ركّزت ردود الفعل في طهران على عدم تجاهل سياق حرب اليمن في الهجمات، اتهم الوزير الإيراني «فريق ب» بـ«خداع» ترامب لجرّه إلى حرب، وأضاف: «من أجل مصلحتهم، من الجيّد أن يصلّوا كي لا يحصل ما يسعون إليه».
وحتى ليل أمس، لم يعلن ترامب العقوبات التي توعّد بإضافتها ضد إيران، رداً على ضربة «أرامكو»، فيما برزت خطوتان في إطار ردود الفعل الأميركية: الأولى، إعلان واشنطن عزمها على إنشاء تحالف دبلوماسي لـ«ردع إيران»، وهو ما تحدّث عنه بومبيو في زيارته الخليجية بالقول: «نحن هنا لنشكل تحالفاً يهدف إلى تحقيق السلام والتوصل إلى حل سلمي». الثانية، إعلان الجيش الأميركي أنه يتشاور مع السعودية «لمناقشة السبل المحتملة للدفاع في مواجهة أي هجمات مقبلة»، خصوصاً من شمال المملكة، على اعتبار أن جهة الهجوم هي سبب إخفاق منظومات الحماية. وفي هذا الإطار، أشارت وكالة «رويترز» أمس إلى أنه «ثبت أن مليارات الدولارات التي أنفقتها السعودية على عتاد عسكري غربي متطور لا نفع لها أمام طائرات مسيرة رخيصة وصواريخ كروز استخدمت في هجوم عرقل الإنتاج في قطاعها النفطي الضخم».
أما المطلوب سعودياً، فشرحه وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، بالدعوة إلى موقف ضد طهران، وترداد اللازمة اليومية للمسؤولين في الرياض بأن الاعتداء ليس على السعودية، بل على العالم. ورأى أن التهاون مع إيران سيشجعها على «ارتكاب المزيد من الأعمال التخريبية والعدائية»، مضيفاً: «هذا الاعتداء الآثم امتداد لسياسات إيران التخريبية والعدوانية، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويتخذ موقفاً صارماً تجاه سلوكيات إيران الإجرامية».