ارتفعت أسعار النفط بما يصل إلى 20% لتتجاوز 71 دولاراً للبرميل الواحد، وهي أكبر نسبة ارتفاع تُسجّل خلال ثلاثة عقود تقريباً، حيث أعيد فتح الأسواق بعد هجمات على البنية التحتية للنفط في المملكة السعودية، ما أدى إلى خفض إنتاج البلاد بأكثر من النصف. هذا واحد من أكبر التقلّبات في أسعار خام «برنت» في جلسة واحدة، ومنذ وقت طويل، إن لم تكن التقلّبات الأكبر على الإطلاق. وما جرى السبت يعتبر مشكلة كبيرة، لا بل ضخمة، بالنسبة إلى أسواق السلع. سوف يضحك المتداولون على الجانب الرابح من الرهان. لكن، ستكون هناك بعض الآثار الخطيرة على الجانب الآخر. ليس معروفاً إلى أي مدى ستتضرّر صناديق التحوّط للمنتجين والأموال المنتظمة، لكن من المحتمل أنه، في الأيام والأسابيع المقبلة، ستظهر بعض التفاصيل الاستثنائية حول «حمام الدم» الذي حدث. النقطة الأساسية التي يجب تذكُّرها حول عالم صناديق السلع الموجّهة، هي أنه منذ تولّي دونالد ترامب زمام الأمور وتهديده بالحرب التجارية، أصبح المال «الذكي» شديد التركيز، إن لم يكن مهووساً بالرواية التي تفيد بأن الطلب العالمي سيتأثر بالتعريفات الجمركية وتباطؤ نمو التجارة. وقد أدى ذلك إلى هبوط على نطاق واسع في سوق العقود المستقبلية للنفط على مدى العام الماضي. ومع ذلك، فإن أولئك المهووسين بآثار «الحروب التجارية» ربما يكونون قد نسوا الحطب على الأشجار. فتلك الحروب ليست ذات صلة، هذا إذا كانت هناك فرصة للعالم بأن يذهب إلى الحرب.
قد يبدو ذلك قاطعاً، لكننا نعتقد أن من الضروري أن يذكر شخص ما الأمور على حقيقتها. وهنا، يكمن التناقض بين أسواق العالم الحقيقية وأسواق المقامرة الافتراضية.
في عالم الـ«بيتكوين»، فإن التقلبّات بنسبة 20% لا تعني شيئاً على الإطلاق. في أسواق السلع، تشير الدلائل المحتملة إلى أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة من حيث تسريع النزاع. ما ينبغي للمحللين أن يلاحظوه راهناً، ليس حجم الخسارة الاقتصادية الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو الحروب التجارية المستمرة، ولكن الدرجة التي لم تفضّل فيها ظروف الحرب معايير السوق الحرة. على العكس من ذلك، في مثل هذه الظروف، تتحوّل الاقتصادات إلى قمعية وحمائية وموجّهة نحو الإنتاج المحلي. كما أنها تصبح مهووسة بالأمن والطاقة. وبينما من المرجّح أن تضرّ الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بالاقتصادات ذات الصلة، أكثر من مساعدتها، فإن بطاقة ترامب الأساسية التي تحتفظ بها الولايات المتحدة تظلّ... أمن الطاقة.
(فايننشال تايمز - بتصرف)