على غرار اتهام الولايات المتحدة لإيران بأنها هي التي تقف خلف قرار تنفيذ الهجمات على منشآت النفط في السعودية، جاءت اتهامات إسرائيل، غير الرسمية إلى الآن، مصحوبة بالإعراب عن القلق من تطور قدرات أعدائها على الإيذاء. إلا أن الموقف الإسرائيلي، قبل اتهام إيران وما بعده، لا يتعلق فقط بأصل التهمة ضد عدوها الأول، أو تظهير موقف من الإضرار بجهة (السعودية) يردّد المسؤولون الإسرائيليون علناً أنها حليفة لهم، بل يرتبط أكثر بالقدرة العسكرية والاستخبارية التي باتت لدى محور أعدائها، وتبعاً لها، القدرة الهائلة على الإيذاء التي يمكن أيضاً أن تطالها، تماماً كما هو الوضع مع السعودية.
وسواء ورد التعليق الرسمي الإسرائيلي أو لم يرد، إلا أن معطى الهجمات اليمنية الأخير على السعودية سيتسمرّ طويلاً على طاولة البحث والتقدير في إسرائيل، وتبعاً له على طاولة صانع القرار فيها، ومن شأنه التأثير على مجمل التموضع الإسرائيلي الهجومي والدفاعي إزاء الأعداء، في مختلف ساحات المواجهة، القريبة منها والبعيدة على السواء.
في التعليقات، برز أمس تقرير القناة الـ«13» العبرية، التي قالت إن «الهجمات الإيرانية» على السعودية «هي رسالة من طهران بأنها قادرة على ضرب الاقتصاد العالمي إذا لم يتم التجاوب مع مطالبها». وبحسب تقرير القناة، فإن «التوقيت لافت جداً وليس صدفة، وهو يأتي قبيل لقاء ممكن بين (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، ونظيره الإيراني حسن روحاني».
من يعرف القيام بهذا النوع من الهجمات يمكنه أن يحاول في مكان ما بإسرائيل


ورأت القناة الـ«12» العبرية، من جهتها، أن «الهجمات الإيرانية» على السعودية تُعدّ «لكمة قوية ومخيفة جداً» للمملكة، وكذلك للولايات المتحدة الأميركية. و«هذه الهجمات قد لا تكون نُفّذت عبر مسيّرات، بل عبر صواريخ إيرانية جوالة، من دون أن تكون بالضرورة انطلقت من اليمن، بل من الأراضي العراقية».
في الوصف العام لتبعات الهجمات التي تصل كذلك إلى واشنطن، يظهّر التقرير جملة من الأسئلة التي يؤكد مسبقاً أنها بلا إجابات، إلا أن المؤكد بحسب القناة أن إيران ضربت السعودية ضربة ذات تبعات واسعة جداً، ووضعت ترامب أمام معضلة رهيبة تتعلق بردّ فعله: هل سيردّ؟ هل سيشجع السعودية على الردّ؟ أم يلتقي روحاني الآن، لمحادثته؟
في البناء على التقارير كما ترد من اليمن، أي إن «أنصار الله» هي الجهة التي أرسلت عشر طائرات مسيّرة إلى السعودية، يرى التقرير أن ذلك يعني أنها طائرات مسيّرة من طراز «قاصف 1» أو «قاصف 2»، وهي ليست طائرة كبيرة، لكنها قادرة على التملّص من الرادارات، وتعرف الوصول إلى الهدف، وهي أيضاً دقيقة الإصابة.
لكن ماذا في تبعات الهجمات، سواء كانت الجهة التي خططت ونفذت هي حرس الثورة الإيرانية مباشرة، أم ميليشيات عراقية تزودت بمسيّرات من إيران، أم «أنصار الله» في اليمن؟ يشدد التقرير على ضرورة معاينة جملة حقائق ظهرت نتيجة الهجمات، وفي المقدمة حقيقة أن من يعرف القيام بهذا النوع من الهجمات في بقيق السعودية، يمكنه أن يحاول فعل الشيء نفسه في مكان ما في إسرائيل. ولعلّ هذه هي أهم نتيجة جراء الهجمات، ومن شأنها أن تتموضع طويلاً على طاولة البحث في إسرائيل.