تبدو السعودية حريصة على تأمين المصالح والمكتسبات الإماراتية
في المقابل، نشرت وسائل الإعلام السعودية، أخيراً، تقارير ومقالات لكبار الكتاب السعوديين، تحمل عبارات شديدة القسوة ضد «إخوان اليمن»، وتطرح تساؤلات حول جدّيتهم في حسم المعركة ضد «أنصار الله»، بل وتدعو إلى تحييدهم تماماً عن قيادة جيش «الشرعية» وإدارة العملية السياسية. وتتهم الأوساط العسكرية السعودية، وكذا العديد من وكلاء «التحالف» في اليمن، «الإخوان المسلمين»، بأنهم عطّلوا الجبهات في الشمال لتحقيق أجندات سياسية على المدى الطويل، وأداروا المعركة بأساليب لا تؤدي إلى الحسم، بل إلى إطالة أمدها لاستنزاف «التحالف»، وفي الوقت نفسه إضعاف حركة «أنصار الله» تمهيداً للانقضاض على السلطة. كذلك، يُتّهم «الإخوان» بأنهم لم يكونوا بمستوى الدعم المُقدّم من «التحالف»، ولم يحققوا أي انتصارات في كثير من الجبهات، على رغم ما يروّجون له من انتصارات وهمية، فضلاً عن أنهم عقدوا مصالحات قبلية وميدانية مع الجيش واللجان بما يخدم أجندتهم ومصالحهم الخاصة من دون علم قيادة «التحالف». ومن المفيد التذكير، في هذا الإطار، بأن حزب «الإصلاح» يسيطر على محافظة مأرب الغنية بالغاز والنفط (عسكرياً وإدارياً)، والتي يُحسب محافظها سلطان العرادة على الحزب، وتعتبر مقراً آمناً لـ«الإخوان» في اليمن، إضافة إلى أنها تؤمن لـ«الإصلاح» موارد مالية كبيرة من خلال التحكم في بيع الغاز المنزلي لليمنيين، وفرض الضرائب على البضائع القادمة من معبرَي العبر والوديعة (السعوديين) إلى محافظات الشمال.
جاءت الأحداث الأخيرة في المحافظات الجنوبية لتسعّر الحملات الإعلامية بين «الإخوان» والسعودية، إذ تتهم قيادات في «الإصلاح»، الرياض، بالتقاعس عن نصرة «الشرعية» ودعمها بالإمكانات اللازمة، فضلاً عن عدم توفير الغطاء السياسي لمعركة عدن وأبين، الأمر الذي شجع الجانب الإماراتي على الدخول المباشر على خط الاحتراب الداخلي، من خلال الغارات الجوية على أماكن حشود «الشرعية» في المحافظتين المذكورتين الأسبوع الماضي. وهي سابقة لم تكن لتحصل لولا الضوء الأخضر السعودي، لأن من غير المعقول تحليق الطائرات الحربية الإماراتية في أجواء المحافظات الجنوبية من دون موافقة القيادة المشتركة لقوات «التحالف». وبمعزل عن حقيقة اتهامات «الإصلاح»، فالواضح أن النظام السعودي يتعمّد انتهاج سياسة إدماء الطرفين وإرهاقهما تمهيداً لإجبارهما على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وهي محاولة سعودية لإمساك العصا من الوسط، وفرض حكومة يشارك فيها الطرفان مناصفة، بعدما سيطر «الانتقالي» على محافظات عدن وأبين ولحج والضالع، بينما تسيطر حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي ومعها «الإصلاح» على محافظة شبوة ووادي حضرموت الغنيين بالنفط والغاز، إضافة إلى محافظتَي المهرة ومأرب ومدينة تعز.
إزاء ذلك، تبدو السعودية حريصة على تأمين المصالح والمكتسبات الإماراتية، وعمل كلّ ما من شأنه إبقاء أبو ظبي داخل سرب «التحالف». وهذا ما أكده وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، أمس، بالقول «(إننا) نتطلّع بثقة وتفاؤل إلى نجاح اجتماع جدة بين حكومة اليمن الشقيق والمجلس الانتقالي الجنوبي. وحدة الصف ضد الانقلاب الحوثي ومضاعفة الجهد في مواجهته هما الأولوية، والشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية الشقيقة على قيادة التحالف سياسياً وعسكرياً بحرص وحنكة واقتدار». وجاء حديث قرقاش تعليقاً على بدء مفاوضات غير مباشرة أمس في جدة، بين قيادات «الانتقالي» وممثلي حكومة هادي و«الإصلاح»، من أجل وضع حدٍّ للمعارك التي دارت في جنوب اليمن. ومن المتوقع أن تعترض المفاوضات صعوباتٌ كبيرة، بسبب إصرار الحكومة على انسحاب «الانتقالي» من المقارّ الحكومية والقواعد العسكرية في عدن وأبين، الأمر الذي يرفضه المجلس.