وخلال الاجتماع الأخير لحمدوك مع «المجلس السيادي»، شُدِّد على «الإسراع في تشكيل مفوضية السلام لارتباطها بالتفاوض مع الحركات المسلحة، وارتباط قضية السلام بالأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية، والإسراع في تحقيق السلام ومعالجة الأسباب التي دعت إلى تذمر الحركات المسلحة». ويشار إلى أنّ رئيس «حزب المؤتمر»، القيادي في «الحرية والتغيير» عمر الدقير، سافر إلى عاصمة جنوب السودان، جوبا، عقب أحداث الفاشر، والتقى أمس (الثلاثاء) مع مناوي لبحث «ترتيبات المرحلة المقبلة». وأشار الدقير إلى «مواصلة النقاشات حتى يتحقق السلام الشامل»، مستغلّاً الزيارة لعقد اجتماعات أخرى مع قادة «الجبهة الثورية» ومستشار رئيس الجنوب.
يصعّب الاختلاف بين «التغيير» والحركات الدارفورية تشكيل الحكومة
يقول القيادي في «تجمع المهنيين»، محمد ناجي الأصم، الذي كان ضمن وفد الفاشر، إن «بعض شباب الجبهة الثورية الذين نعرفهم كانوا غاضبين، ومنعونا من الصعود إلى المنصة، وقد طلبنا منهم أن يسمعوا منا ونسمع منهم، لكنهم رفضوا فقررنا الانسحاب تجنباً للاشتباك». ويشير الأصم إلى أن ما حدث «مؤشر على واحدة من أهم أزمات السودان، هي أزمة الحرب والسلام»، علماً أن «الحرية والتغيير» حمّلت حكومة الفاشر وحركتَي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» مسؤولية ما حدث مع الوفد.
ويضع ما يدور من اختلافات بين «الحرية والتغيير» والحركات الدارفورية المسلحة، الحكومة المقبلة، أمام اختبار يبدأ من أصل تشكيلها، وليس قراراتها التنفيذية فقط، ولا سيما أن الأمر يتعلق بقضية حرب طويلة. هنا، يرى القيادي في «حزب البعث العربي الاشتراكي» وقوى «الحرية والتغيير»، محمد ضياء، أن القوى أعطت أولوية للحركات المسلحة في الوثيقة الدستورية، وهذا صار قراراً واجب التنفيذ على الحكومة. وأشار ضياء إلى أن مجلس الوزراء بمجرد تكوينه سيشرع في دعوة الحركات المسلحة إلى حوار، متوقعاً رغم العوائق الوصول إلى سلام، ولا سيما مع «الإشارات الإيجابية من الحركات المسلحة التي التزمت وقف النار منذ إسقاط النظام ولا تزال».
لذلك، يرى القيادي في «المؤتمر الشعبي»، يوسف لبس، أن ما حدث في الفاشر «يعكس عمق المشكلة القائمة على إقصاء الآخر... قوى الحرية والتغيير أهملت مكوناً أساسياً هو الحركات المسلحة، عندما رفضت بعض مكوناتها تضمين اتفاق أديس أبابا، الذي وُقع بينها وبين الجبهة الثورية، في الوثيقة الدستورية». ويضيف: «إذا مضت الحال هكذا، فلن تُحلّ مشكلة الحرب ولا الأزمة الاقتصادية... ما حدث في الفاشر ردّ فعل طبيعي على نهج الإقصاء الذي كان يمارسه النظام القديم».
لكن التخوف الأساسي يعبّر عنه الكاتب عبد الله آدم خاطر الذي حذر من تبعات الاختلافات بين «الحرية والتغيير» و«الجبهة الثورية»، على رغم أنهما يمثلان جسماً واحداً، لأن من يحملون السلاح يختلفون في عملهم وتعبيرهم عن قادة العمل السياسي، فيما يرى المحلل السياسي حاج حمد أن الجبهة «جسم غريب على الحرية والتغيير لأنها موجودة خارج السودان»، متخوفاً من وقوع الجبهة تحت تأثير التوازنات الدولية.