بالرغم مما تنطوي عليه زيارة المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الى إسرائيل، من حرص على محاولة تبديد حالة التوتر التي تبلورت على خلفية المواقف الالمانية من البناء الاستيطاني وفي سياق المفاوضات، واختيار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تسليط الضوء على الوفد الكبير، المؤلف من 15وزيراً ألمانياً، يرافقون «صديقة» اسرائيل.
إلا أن ذلك لا يغطي حقيقة كون الزيارة جزءًا من سياسة العصا والجزرة التي تتبعها الدول الأوروبية مع الدولة العبرية، بهدف دعم الجهود التي يقودها وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
وفي أجواء محادثات تظللها الخشية الاسرائيلية من حملات مقاطعة أوروبية قد يتخذها الاتحاد الأوروبي في حال فشل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، من المقرر ان تنقل ميركل للاسرائيليين الموقف الأوروبي بخصوص جهود كيري، الذي يسعى الى وضع اتفاق اطار يوضح معالم قضايا التفاوض بين الجانبين وتمديد المفاوضات مدة عام على الأقل.
كذلك ستوضح ميركل أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم امتيازات غير مسبوقة لإسرائيل في حال اتخاذها مواقف أكثر مرونة بخصوص اتفاق الإطار، وستشير إلى أن عدم تقديم هذه المرونة سيؤدي إلى ارتفاع حدة حملات المقاطعة لإسرائيل.
هذا وبالرغم من ان النظرة الاسرائيلية، الى ألمانيا على أنها «إحدى الدول التي تقود في الاتحاد الاوروبي توجهاً نقدياً ضد البناء الاستيطاني»، يؤكد المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت آحرونوت»، شمعون شيفر، أن الموقف الالماني، الذي عبرت عنه ميركل، يؤكد الاستعداد للوقوف الى جانب اسرائيل على نحو قاطع في كل القضايا باستثناء قضية واحدة: القضية الفلسطينية، وخاصة أن ميركل، كما ينقل شيفر «لا تفهم ماذا يقصد نتنياهو حينما يتحدث عن حل الدولتين، وفي الوقت ذاته يشجع على البناء في المستوطنات».
ويضيف إن المستشارة الألمانية «أعلنت مراراً في غرف مغلقة أن نتنياهو لم يقل في حواراته معها الحقيقة بشأن استمرار البناء في المناطق الفلسطينية». ونتيجة لذلك «تعتقد (ميركل) بأن واجب الإثبات، وإعادة الثقة ملقىً على عاتق نتنياهو».
وللمقارنة بما تسبب به نتنياهو من آثار سلبية على العلاقات مع برلين، تضيف ميركل أن «العلاقات الشخصية بينها وبين رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، حددت سقفاً عالياً، ما زال نتنياهو بعيدا عنه كالبعد بين الشرق والغرب».
أما بخصوص نقاط الخلاف القائمة بين ألمانيا واسرائيل، فقد نقلت «يديعوت آحرونوت» عن صحيفة «در شبيغل» الألمانية، أنها تتمثل في الموضوع الفلسطيني، وخاصة بعد تراجع ثقة ألمانيا بجدية الحكومة الإسرائيلية في عملية التسوية.
وضمن السياق نفسه، يحضر امتناع ألمانيا عن التصويت على الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة، أضف الى الخلاف حول معاهدة التعاون العلمي؛ وآخر القضايا الإشكالية المستجدة بين الطرفين ردود الفعل الاسرائيلية على الخطاب الأخير لرئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتس، الذي اتهمه مسؤولون اسرائيليون بالكذب.
في كل الأحوال، يبقى لاسرائيل، مكانتها الخاصة لدى الدول العظمى الغربية، ومنها ألمانيا، حتى عندما يسود العلاقات معها نوع من التوتر.
وضمن هذا الاطار، أكدت تقارير اعلامية بأنه سيجري خلال زيارة ميركل، توقيع 19 اتفاق تعاون في مجالات مختلفة كالأمن والعلاقات الخارجية والاقتصاد والقضاء. ومن ضمن الجزرة التي يُراد تقديمها الى اسرائيل، ضمن محاولات إرضاء الطرف الاسرائيلي. ما نقلته صحيفة «يديعوت آحرونوت»، عن توقيع اتفاقية ترعى بموجبها القنصليات الألمانية المصالح الاسرائيلية في الدول التي ما من ممثليات اسرائيلية فيها مثل إندونيسيا وماليزيا، التي ينشط فيها رجال الأعمال الاسرائيليون.
كذلك هناك اتفاقية أخرى تتعلق بمنح السائح الألماني، الذي يصل الى اسرائيل، إمكان المكوث والعمل فيها لمدة نصف سنة، وكذلك منح الاسرائيلي، الذي يصل الى المانيا، المكوث والعمل فيها فيها مدة نصف سنة أيضاً.
الى ذلك، ذكرت تقارير إعلامية، نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن ميركل لن تزور الأراضي الفلسطينية خلال زيارتها المنطقة، وضمن هذا الاطار، تضيف المصادر إن مسؤولين في الرئاسة الفلسطينية، ورئاسة الوزراء رفضوا التعليق على استثناء الاراضي الفلسطينية من زيارة المستشارة الألمانية.