الفلسطيني ليس الها، او نبيا، او ملاكاً مرسلا من الله الى الارض. الفلسطيني بشري عادي طبيعي مثل الاخرين. «الجنس» الفلسطيني لا يختلف بالشكل عن «الاجناس» الاخرى، واشكالنا طبيعية وعادية وحياة الله. لدينا «منخار» واحد، واذنان وعينان، مثلنا مثلكم تماماً. قد تجد فلسطينيا فقد طرفاً او عيناً بسبب الحروب والقذائف التي قد تكون انهمرت عليه. لكن في الاجمال معظمنا مثل البشر العاديين. نحن في لبنان منذ 66 عاماً. تشاركنا مع اللبنانيين كل شيء، حتى ان جزء كبير من اللبنانيين شاركونا حروبنا ضد العدو الاسرائيلي. تقاسمنا الاحزان. حزنكم حزننا.
وجعكم وجعنا. الهواء الذي تتنشقوه نتشاركه معكم. ونسير تحت الشمس ذاتها. على مدى 66 عاماً اصبحنا جزءا من المجتمع اللبناني. حافظنا على لهجتنا؟ صحيح. تمسكنا بعاداتنا وتقاليدنا. أكيد. لكن ذلك لا يعني اننا لا نعيش تفاصيل حياتكم! الظلم الذي تمارسه الدولة عليكم، نشعر به ايضاً. الفقر نفسه في حي السلم وفي مخيم برج البراجنة وفي طريق الجديدة وشاتيلا والبداوي والبارد والبص وعين الحلوة. غير مفهوم كيف يمكن نبش الماضي والحروب فجأة لان احد التكفيريين الانتحاريين راى في فئة لبنانية العدو؟ مفهوم حجم الالم. مفهوم حجم الوجع. مفهوم كل شيء. الرعب الذي تشعرون به مضاعف عندنا، لاننا نصلي ان لا يكون الانتحاري فلسطينيا فيوجه اصبع الاتهام الى المخيم مباشرة.
عند كل تفجير يصيب الضاحية تتقطع قلوبنا من الصدمة. اذ يمكن ان اكون انا الفلسطيني المتهم من دون سبب، ضحية لجنون انتحاري قد نكتشف انه فلسطيني. التكفيريون لا يفرقون بين لبناني وفلسطيني وسوري. الانتحاريون لا يستهدفون طائفة محددة فقط، والانتحاريون لا دين ولا مذهب ولا جنسية لهم، مثلهم مثل العملاء لاسرائيل. ما يمنع ان يصادف وقوع احد التفجيرات بالقرب من بيتي؟ وان تكون امي اللبنانية احدى ضحايا التفجير؟ ما يمنع ان يصبح احد اقربائي شهيد التفجيرات الانتحارية. هل يجب ان ندفع ضريبة الدم لنؤكد اننا نشعر بالوجع اللبناني. اذا فجر تكفيري فلسطيني نفسه هل يعني ذلك ان كل الفلسطينيين «عاطلين «ويجب الاقتصاص منهم جماعة، ومن مخيماتهم؟ عقاب جماعي يعني؟ الانتحاري قتيبة الصاطم ابن الشمال فجر نفسه في الشارع العريض هل اصبح جميع ابناء الشمال سيئين؟ العاطفة جيدة. لكن يجب ان تكون مسؤولة. اصبحت الجنسية الفلسطينية تهمة. فالفلسطيني هو بالنسبة للبعض اما ارهابيا او يأوي ارهابيا، او يجهز لعملية انتحارية، او سيقوم بعملية انتحارية، او يفخخ سيارة. كل التهم اصبحت جاهزة ولا تحتاج الا لقرار الادانة. الفلسطيني التكفيري الذي يفكر في تفجير نفسه في الاخر ليس فلسطينيا. فهو اسقط عنه هذه الهوية بمجرد ان قرر ان يصبح تكفيرياً.
الانتحاريون لا يعترفون بالدول والحدود والجنسيات. كما لا يعترف الانتحاري الفلسطيني بهويته الفلسطينية. فهويته الجديدة هي هويته الدينية التي طغت عليه. لا يمكن لفلسطيني ان يفجر نفسه في غير الاسرائيلي. لا يمكن لفلسطيني ان يقتل غير عدوه الاسرائيلي، لا يمكن للفلسطيني ان يشارك في تخريب اكثر البلدان التي تحملت وجوده على ارضه. لا يمكن لفلسطيني ان يفعل ذلك. ومن يقوم بذلك فهو اما تخلى عن جنسيته او اصبح متشددا دينيا لا يعترف باي قضية. في الماضي اخطأنا وجل من لا يخطىء. طويت صفحة الحرب وانتهت. بالعودة الى التهم التي ترمى علينا جزافا. ماذا يختلف المخيم عن المناطق الفقيرة اللبنانية. الا يوجد بين اللبنانيين تجار مخدرات؟ سارقين؟ مهربين؟ تكفيريين انتحاريين؟ هل هذه الصفات حكر على الفلسطينيين فقط. ام ان تاجر المخدرات الفلسطيني اخطر من اللبناني؟ ام ان الانتحاري الفلسطيني اخطر من اللبناني؟.

نعم هناك مشكلة ان يشارك الفلسطيني بمثل هذه الاعمال لان الفلسطيني يجب ان يكافح من اجل قضيته ومن اجل تحرير بلده.
مشكلة هؤلاء التكفيريين انهم نسوا انهم فلسطينيون ولا يرون انفسهم غير متعصبين دينياً. والمشكلة الكبرى هي بمسؤولي الفصائل كلها من يمينها الى يسارها من علمانييها الى متديينها. يجب على هؤلاء التحرك. لم تعد بيانات الادانة بعد كل تفجير تنفع. يجب اتخاذ اجراءات على ارض المخيم.
يجب مراقبة المدارس الدينية التي انتشرت مثل الفطر. يجب منع الحديث عن الاخر على انه «رافضي». يجب التذكير ان القضية هي فلسطين. يجب على الفصائل الاسلامية ان تعمل على اعادة تثقيف
مناصريها.
العدو ليس الشيعي العدو هو الاسرائيلي، يجب فعل كل ذلك لمنع دخول الفكر التكفيري الى ازقة المخيم. ببساطة لا نريد حرب مخيمات جديدة ولا نهر بارد جديد.


يمكنكم متابعة قاسم س. قاسم عبر تويتر | @QassemsQassem