القطيف ــ الأخبار لم يرضخ أهالي القطيف للرواية الرسمية التي روجتها وزارة الداخلية السعودية بشأن مقتل ناشطين في منطقة العوامية شرق السعودية. فتوالت ردود الفعل المستنكرة والشاجبة من قبل بعض السعوديين المناهضين للظلم الممنهج الذي تمارسه سلطات الرياض ضد أهالي المنطقة الذين أكدوا استمرار الحراك الشعبي حتى نيل المطالب المشروعة بإزالة التمييز والمساواة والعدالة.

وكانت القوات الأمنية السعودية قد اقتحمت صباح الخميس «حي الديرة» وسط بلدة العوامية، معقل الاحتجاجات المستمرة منذ شباط عام 2011. وأدى وابل النيران المنهمر من عشرات المدرعات والعربات المصفحة إلى مقتل شابين ومصرع رجلي أمن بحسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية.
واقتحمت القوات السعودية منزل عائلة أحمد علي عبدالرحيم الفرج بحثاً عن شقيقه محمد المطلوب على قائمة 23 التي أصدرتها الداخلية السعودية في شباط 2012. وذكر شهود عيان أن القوات الأمنية طوقت المنطقة بعشرات الجنود المدججين بالأسلحة الرشاشة وبدأوا اطلاق النيران العشوائية بكثافة، ما أدى إلى مقتل الشاب علي أحمد علي عبدالرحيم الفرج (22 عاماً).
وقال نشطاء إن «استخدام العنف أدى إلى استشهاد الاعلامي حسين علي مدن الفرج 34 سنة أثناء محاولته توثيق تفاصيل الاقتحام بكاميرته».
ونتج من عملية الدهم أضرار مادية شملت تحطيم زجاج السيارات واختراق الرصاص جدران المنازل وإتلاف الأثاث والممتلكات الخاصة وانتهاك حرمة البيوت. وبعد انتشار خبر الحادث، انطلقت حملات الدعم على شبكات التواصل الاجتماعي لتأكيد استمرار الحراك بصورته السلمية، فيما البعض من المحسوبين على النظام حرض على المزيد من القتل في حق كل من يطالب بحقوقه المشروعة.
وعلى شبكة التواصل الاجتماعي تويتر، استقطب هاشتاغ «العوامية» مئات النشطاء والكتاب الذين غرّدوا مستنكرين «الجريمة البشعة» التي أودت بحياة ناشطين. واستنكرت الناشطة الحقوقية الكويتية هديل بوقريص، في تغريدة «قتل النشطاء خارج نطاق القضاء في السعودية، قبل أن نبحث عن العدالة في الخارج علينا تحقيقها في الداخل»، مشددة على «أهمية احترام حق الحياة إلى الإنسان بمعزل عن انتمائه الديني أو المذهبي أو الاجتماعي». وأضافت: «يجب تمكين المطاردين في أوطانهم من الحصول على محاكمات عادلة قبل قنصهم في الشوارع برصاص الدولة لكي لا يبدو لنا الوطن وحشاً التهم مواطنيه». وأضافت: «لا يحق للدولة مهما كانت مصالحها العليا تقتضي ذلك قتل إنسان مدني وأعزل برصاص كان من المفترض أن تبقيه في مخزن السلاح، فلا مبرر لحمله في شوارعها»، في إشارة إلى ممارسات القوات الأمنية السعودية حيال المداهمات الأمنية وترويع الأهالي.
وأكد المتحدث باسم حركة «خلاص في الجزيرة العربية» الدكتور حمزة الحسن، أن «القطيف، وفي قلبها العوامية، ستبقى شوكة في خاصرة النظام، لن يجد استسلاماً ولا تراجعاً ولا نصراً برصاص أو قمع». وأضاف في تغريدة أخرى: «يعلم النظام أن الحراك سلمي وأن خيارات المواطنين لم تُستنفد، وأن اعتقال وقتل القياديين لم يؤدّ لانتصاره».
وأشار د. الحسن إلى محاولات وخطط النظام السعودي للقضاء على الحراك، مؤكداً أن «آلة القتل السعودي لم تتوقف لوأد الحراك في منطقة النفط»، مشيراً إلى أنّ ذلك «تفريغ لأحقاد وتعويض عن خسائر عبر الرصاص».
فؤاد البراهيم، العضو القيادي في حركة خلاص، اعتبر «انعدام الثقافة السياسية لدى أزلام الداخلية يجعل منهم أدوات بلهاء بيد مشغلهم لا يفرقون بين من يحمل السلاح ومن يحمل شارة بيضاء». وأضاف: «خرّجت الداخلية من يحملون سماتها الوراثية تعلموا على اطلاق رصاص عشوائي فقط ولذلك يجهلون رمزية اللون الابيض هؤلاء أزلام بن نايف». البراهيم رأى أن المتحث الرسمي باسم الداخلية السعودية «يثير الشفقة، وهو يردد جملاً معلبة ويتهم الشهيدين والمطلوبين بترويع الآمنين وكأنهم قاموا باجتياح الرياض».
القيادي في ائتلاف الحرية والعدالة الناشط حمزة الشاخوري كان له موقف أكثر راديكالية. قال، في تغريدة: «لا يفاجئنا أن يرتكب نظام الاحتلال السعودي الجريمة تلو الأخرى بحق أهالينا، هذا ديدنه وتاريخه، وهو بذلك يؤكد حقنا المشروع في تقرير المصير». وأضاف: «كل الأنظمة المحتلة والمستبدة كالنظام السعودي يمارسون الارهاب والتنكيل بحق السكان الأصليين حين يعون هويتهم وتاريخهم ويكافحون من أجل التحرر».
وتابع، في تغريدة أخرى، بأن «آل سعود لم يؤسسوا وطناً ولا وحدوا شعباً، بل احتلوا أراضي واستقطعوها لأنفسهم وحولوا أهل الجزيرة العربية رعايا تقتات وراءهم المذلة والفقر والتخلف».
أما الشاعر والكاتب زكي الصدير، فتناول من جهته موقف بعض المثقفين السعوديين على خلفية ما حدث. قال: «يبدو أن مثقفينا وإعلاميينا الأشاوس يثبتون مع كل موقف أنهم لا يستطيعون فهم الوقائع ومعالجة القضايا إلا وفق المصادر الرسمية، متناسين مقولة بابا سارتر إن أولى مهمات المثقفين هي إزعاج السلطة».
إلى ذلك، أصدر ائتلاف «الحرية والعدالة»، أبرز المجموعات الناشطة في الحراك الثوري، بياناً أكد فيه «استمرار مسيرة النضال السياسي ضد النظام السعودي الذي وصفه بالمحتل»، مؤكداً وجود «مشروع مرسوم وهدف واضح نسعى للوصول إليه عبر محطات أساسية في سبيل الحرية والكرامة والخلاص».