في ساعة مبكرة من صباح أمس، أعلنت قوات المشير خليفة حفتر «الساعة الصفر» لدخول العاصمة الليبية طرابلس، عبر بثّ رسالة إلى آمر «غرفة العمليات المتقدمة»، اللواء صالح عبودة. جاء ذلك بعد يوم من إصدار «تنسيقية جنوب طرابلس» بياناً دعت فيه «شباب المناطق من القوات المساندة لقوات الكرامة... إلى الانتفاض وتخليص البلاد والعباد من الميليشيات». فقد شنت قوات حفتر غارات جوية على بعض محاور جنوب العاصمة، واكتفت «شعبة الإعلام الحربيّ» التابعة لها بالقول إنّ «الوحدات العسكريّة تتقدم بخطى ثابتة في جميع محاور العاصمة، وتسيطر على مواقع وتمركزات جديدة»، من دون تقديم توضيحات أخرى. في المقابل، قال المركز الإعلاميّ لـ«عملية بركان الغضب»، التابع لحكومة «الوفاق الوطني» في طرابلس، إنّ قواته أفشلت «محاولات تسلل في محور عيز زارة». وفي سلسلة تحديثات، نشر المركز صوراً لعدد من الآليات والدبابات التي «اغتنمت من قوات حفتر»، وأخرى لأضرار في بعض المنازل في حي أبو سليم، قال إنها تعرضت لقصف عشوائي، إضافة إلى معلومات حول أسر 11 مقاتلاً. وبصفة عامة، لم تظهر تقدمات مهمة لقوات حفتر، كما لم يظهر تفاعل مع بيانها الموجه إلى مسانديها من سكان طرابلس، ما يوحي حتى الآن بأنّ العملية الجديدة ستكون حلقة أخرى في سلسلة فشلها العسكريّ المتواصل منذ انطلاق الهجوم على طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل الماضي.
بعيداً عن الوضع الميدانيّ في التخوم الجنوبيّة، شهد صباح أمس أول احتكاك بين قوات ليبيّة وتونس. ففي حادثة هي الأولى من نوعها، اخترقت طائرة عسكريّة من نوع «إل 39» الأجواء التونسيّة، ومضت نحو 100 كلم بعيداً عن الحدود الليبيّة، لتحطّ لاحقاً في طريق عام في ولاية مدنين. وبعد ساعات، عقدت «لجنة الأمن والدفاع» في البرلمان التونسيّ جلسة استماع إلى وزير الدفاع، عبد الكريم الزبيدي، قال فيها إنّ المعلومات الأولية تشير إلى تبعيّة الطائرة لـ«الوفاق»، وأنّ الطيار اضطر إلى الهبوط «جراء عطب»، قائلاً إنّه «لا نيّة له لإيذاء تونس أو الاعتداء على أمنها». لكن «الوفاق» نفت على لسان المتحدث باسم قواتها، العقيد محمد قنونو، تبعيّة الطائرة لها. ثم أصدرت وزارة الخارجية في الحكومة المؤقتة، التي تسيّر شرقي البلاد، بياناً قالت فيه إنّ الطائرة تابعة لقواتها، وإنّها «كانت في مهمة استطلاعيّة» بين قاعدتي «براك الشاطئ» و«الوطية»، لكنها تعرضت لـ«خلل فنيّ» في أجهزة الملاحة ومنظومة الاتجاه، إضافة إلى مشكلة في الوقود، ما أدى إلى هبوطها اضطرارياً في تونس.
هذه الرواية تعرضت لتشكيك بعض الخبراء العسكريّين لعدد من الأسباب، إذ إن قاعدة «الوطية» تبعد نحو 70 كلم شرقي الحدود التونسيّة، فيما توغلت الطائرة نحو 100 كلم غربي الحدود. ثانياً تحمل الطائرة، وفق الصور الملتقطة لها بعد هبوطها، صواريخ، ما يعني إمكانيّة أنّها كانت تتجه لقصف أهداف وليست في «استطلاع». ويبقى احتمال هرب الطيار قائماً، في انتظار ما سيكشف عنه تحقيق السلطات التونسيّة، وبخاصة تعاملها مع المسألة في ظلّ مطالبة سلطات الشرق بتسليم الطائرة والطيار لها.