صنعاء | لا تزال الشكوك تلفّ العملية التي أعلنها «التحالف» الذي تقوده السعودية يوم الثلاثاء الماضي، وقال إنها أطاحت زعيم تنظيم «داعش» في اليمن، المكنّى «أبو أسامة المهاجر». شكوكٌ يثيرها التحفظ عن تفاصيل كثيرة مرتبطة بالعملية، من بينها الموقع الذي جرت فيه، والاسم غير التنظيمي لِمَن قُبِض عليه خلالها، إضافة إلى تأخر إعلانها أكثر من 20 يوماً؛ لكونها جرت بحسب المتحدث باسم «التحالف»، تركي المالكي، في الـ3 من شهر أيار/ مايو الماضي. باستثناء ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، قبل أيام، من أن القيادي الذي ظهر في الصور ومقاطع الفيديو المتداولة له محاطاً بجنود سعوديين هو «محمد قنان»، لم ترشح عن الجانب السعودي معلومات تغاير الترويج لما جرى على أنه «استكمال لجهود المملكة في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله» وفق ما ورد في بيان المالكي.
الاسم غير التنظيمي لـ«القيادي» المقبوض عليه هو «محمد قنان» (من الويب)

لكن مصادر واسعة الاطلاع على أحوال «الجهاديين» في اليمن تؤكد لـ«الأخبار» أن قنان ليس زعيم فرع «داعش» في هذا البلد، مستدركة بأنه «قيادي كبير، ومطلوب للإدارة الأميركية»، ما يرجِّح ـــ بحسبها ــــ «مشاركة الأميركيين في العملية». وتنبّه المصادر إلى أن تنظيم «داعش»، على خلاف تنظيم «القاعدة»، «يحيط نفسه بهالة من الغموض، تصعب معها معرفة الكثير مما يتصل بهيكله القيادي»، مستشهدة على ذلك بالإشارة إلى أن «نشوان العدني هو المُعيّن من (زعيم التنظيم، أبو بكر) البغدادي والياً على اليمن بحسب ما هو متداول، إلا أن هناك معلومات تشير إلى آخر من جنسية عراقية».
من جهته، يقول «جهادي» سابق، في حديث إلى «الأخبار»، إنه «إذا كانت العملية كما أعلن عنها التحالف، فهناك اختراق للتنظيم، وإن كان المقبوض عليه فرداً عادياً، فالأمر مجرد فرد عضلات وحرب إعلامية». ويلفت إلى أن «هناك خللاً في التنظيمات الجهادية اليمنية»، مبيّناً أنها «لم تصل إلى مستوى الحسّ الأمني الذي وصلت إليه نظيراتها في العراق وسوريا». ويتابع: «لم يشتدّ عظم داعش بعد في اليمن، وتنقص التنظيمَ العقولُ التي عصرتها التجارب الجهادية، ومن هنا فإن الاختراق، بالطريقة نفسها التي حدثت مع القاعدة طوال الأعوام الماضية، وارد جداً». ويزيد قائلاً إن «الخبرة الجهادية غير موجودة أو متواضعة لدى فرع داعش اليمني، لغياب العقول المخططة».
تنقص التنظيمَ العقولُ التي عصرتها التجارب الجهادية


وبحسب «الجهادي» السابق، فإن «حرب داعش مع القاعدة في مناطق قيفة في محافظة البيضاء، ربما سهّلت على أجهزة الاستخبارات معرفة أماكن التواجد، وخريطة التحرك، ومكامن القوة والضعف»، خصوصاً أن «أجهزة الاستخبارات لديها خبراء يدرسون كل حالة على حدة، ويخرجون بتصور كامل عن التنظيم وطُرق التعامل معه». ويلفت إلى أن «مواجهات تنظيم داعش مع قاعدة اليمن تختلف عن مواجهاته في العراق وسوريا مع فصائل المقاومة و هيئة تحرير الشام، لأن التنظيم هناك كان يتحرك في مساحة واسعة، وعنده تمويل خاص، ومناطق سيطرة، وكانت له يد طولى في محاربة الحكومتين العراقية والسورية، إضافة إلى أن لديه سيولة بشرية، أما في اليمن فمحصور في مناطق محدودة، وليس هو من يحكم هذه المناطق». ويختم حديثه بالقول: «مع ذلك، يبقى الغموض حول العملية التي أعلنها التحالف سيد الموقف، كذلك إن إعلان عملية بهذا الحجم من دون ذكر التفاصيل البديهية، يجعلها محلّ شك».