لم تكد الجولة الثانية من «جنيف 2» تنفضّ، حتى طافت التسريبات الصحافية الغربية عن تسليح نوعي للمعارضة السورية وعن استعدادات جديّة لمعركة تنطلق من الجنوب السوري قرب الحدود الأردنية. جديد «التسريبات» ما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أمس نقلاً عن مصادر رفيعة في الإدارة الأميركية بأنها تراجع سياستها حيال سوريا، وتعمل على اتخاذ إجراءات عسكرية محددة قد تشمل منطقة حظر طيران وتقديم صواريخ مضادة للطائرات للمعارضة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول لم تفصح عن هويته أنّه «يسود الأوساط السياسية شعور طاغ بأن الوقت قد حان لإعادة النظر في السياسة الراهنة»، لا سيّما أن أميركا اقتنعت بأن مفاوضات جنيف قد فشلت «نظراً لعدم رغبة روسيا في الضغط على (الرئيس السوري بشار) الأسد للبحث في آليات المرحلة الانتقالية». وأوضحت أنّ من بين «الإجراءات قيد البحث إنشاء منطقة حظر للطيران داخل الأراضي السورية، بإشراف فرق وكالة الاستخبارات المركزية، تديرها مراكز مراقبة داخل الأراضي الأردنية، وتوفير صواريخ مضادة للطائرات بعيدة المدى لقوى المعارضة المسلحة، فضلاً عن قيامها بتعزيز الخطط السرية للوكالة بتسليح وتدريب قوى المعارضة بإشراف القوات الخاصة الأميركية وتمكينها من الاحتفاظ بمناطق خارجة عن سيطرة الدولة».
وأضافت الصحيفة أنّ وزير الخارجية جون كيري يقود جهود الإدارة في إعادة الاعتبار للخيارات العسكرية، وناقش أخيراً جملة خطوات وتدابير مع الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بترايوس الذي أخبر كيري أن توجهات العودة إلى الخيارات العسكرية في سوريا «تلقى ترحيباً واسعاً داخل الأوساط العسكرية والأجهزة الأمنية والاستخبارية الأميركية». وأردفت الصحيفة أنّ «الإدارة الأميركية أخبرت فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي حديثاً عن نيتها إجراء مراجعة لسياستها هذه».
يذكر أنّ رئيس هيئة قيادة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي لم يدخل أي تعديلات جديدة على خططه المقدمة العام الماضي للإدارة الأميركية، والتي حذر فيها من مغبة الانزلاق في التدخل عسكرياً، لكن الصحيفة أشارت، أيضاً، إلى «غياب دور ديمبسي الفاعل عن جهود المراجعة الجارية».
في السياق، قال المتحدث باسم البيت الابيض، جاي كارني، إنّ الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن الدبلوماسية هي السبيل الأمثل لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، لكنها تبحث كل الخيارات.
كذلك، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إنّ الولايات المتحدة تعارض تزويد قوات المعارضة السورية بصواريخ تطلق من على الكتف ويمكنها إسقاط طائرات حربية.
وكاد المسؤول، الذي يرافق وزير الخارجية جون كيري خلال زيارته لتونس، يردّ على تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يوم الجمعة أفاد بأن السعودية عرضت تزويد المعارضة السورية بأنظمة دفاع جوي محمولة صينية الصنع وصواريخ موجهة مضادة للدبابات من روسيا.
إلى ذلك، بدأت الهيئة السياسية لـ«الائتلاف» السوري المعارض اجتماعاتها أمس في إسطنبول، لمناقشة نتائج جولتي مفاوضات «جنيف 2». وسيقدّم «المفاوض الأول»، هادي البحرة، تقريراً مفصلاً عن سير الجولتين ونتائجهما، كذلك ستناقش الهيئة السياسية نتائج زيارة رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا للقاهرة واجتماعاته مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية المصري نبيل فهمي. وقال البحرة إنّ «الهيئة» ستناقش، أيضاً، العديد من القضايا في الداخل السوري «على رأسها تعيين عبد الإله البشير النعيمي قائداً للجيش الحر». ومن المتوقع أن تتواصل الاجتماعات حتى اليوم.
من جهته، طلب وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، «من الروس، وهم بلد كبير، استخدام كل نفوذهم في سوريا، بحيث يتمكن هذا البلد الذي يضطهده زعيمه وعائلته من إحراز تقدم». وأضاف أنّ «روسيا كانت وافقت على فكرة أن جنيف تهدف إلى تشكيل حكومة انتقالية، والواقع أنه لم يتم القيام بأي شيء». وندّد بتزويد موسكو لدمشق بالأسلحة وبمشاركة حزب الله في المعارك في سوريا إلى جانب الجيش السوري. وتابع: «لن نخوض حرباً عالمية في سوريا، لكننا في المقابل نؤيد دعم الرأي المعتدل المسؤول». بدوره، أعلن المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة أنّ بان كي مون لا يزال مقتنعاً بأن مفاوضات جنيف هي السبيل الأفضل لتسوية النزاع السوري. وقال مارتن نسيركي إنّ بان «يأمل أن يفكر الجانبان ملياً ويعودا سريعاً» إلى طاولة التفاوض. وأوضح أن الموفد العربي والدولي الأخضر «الإبراهيمي سيحضر إلى نيويورك» ليبلغ بان كي مون ومجلس الأمن نتائج مهمته، لكنه لم يحدد موعداً لهذه الزيارة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)