بنغازي | فيما لا يزال الغموض يحيط بتداعيات حراك الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، ضد مؤسسات الدولة في ليبيا، حيث لا يزال الرجل مختفياً، يتوجه الليبيون غداً الى مراكز الاقتراع لانتخاب أعضاء المجلس التأسيسي المناط به مهمة صياغة دستور للبلاد.
ونظراً إلى مقاطعة أقلية الأمازيغ الاقتراع، سيختار الناخبون 58 عضواً لا 60 كما تقرر سابقاً.
وفي ما يتعلق بقضية غياب القائد السابق للقوات البرية الليبية اللواء خليفة حفتر، بعد إعلانه في 14 شباط الماضي إيقاف عمل البرلمان والحكومة والمؤسسات، لا يزال الجنرال مختفياً عن الأنظار، ولم تظهر أي ردود فعل مهمة على إعلانه، الذي تضمن الحديث عن سيطرة قواته على تسعين في المئة من المؤسسات الليبية.
وفي وقت تحدثت فيه وسائل إعلامية عن محاولة انقلاب قام بها حفتر ضد النظام الليبي الحالي، التي نفاها الرجل، مشيراً إلى ان ما قام به هو «لحماية المرافق المهمة في البلاد من أعمال التخريب»، لا تزال السلطات تلاحقه بناءً على أمر اعتقال صدر بحقه، بحسب ما أعلن يومها رئيس الأركان العامة للجيش الليبي اللواء عبد السلام جاد الله العبيدي.
لعل أبرز ما جاء في مبادرة حفتر، تأليف هيئة رئاسية وطنية يترأسها الرئيس الأعلى للقضاء، بيد حكومة مؤقتة محدده العمل، وتأليف هيئه دفاع وطني من الأجهزة الأمنية، والتفعيل الفوري للقضاء، إضافة الى تجميد عمل المؤتمر الوطني والحكومة المنبثقة عنه حتى ايجاد آليات الانتقال للمرحلة المقبلة «للخروج من النفق المظلم» الذي تمر به ليبيا. ولمن لا يعرف الجنرال خليفة حفتر، فهو أحد المنشقين عن الجيش الليبي إبان حكم الزعيم الراحل معمر القذافي، وكذلك أحد أبطال العبور لإسرائيل في حرب أكتوبر عام 1973، وهو من الشخصيات البارزة في القيادة العسكرية الليبية، وخضع لدورات عسكرية عديدة.
له خبرة كبيرة في المجال العسكري، إذ كان قائداً للمغامرة العسكرية ضد تشاد التي جرى احتلالها فترة قصيرة بقيادته. تخلىّ عنه الزعيم الراحل العقيد معمر القذافي، بسب تخوفه من عودته من تشاد كقائد فرق بعد أسره في وادي الدوم، والانقلاب عليه.
لعل المرحلة الأكثر غموضاً في حياة اللواء حفتر، هي قضية أسره وتخليّ القذافي عنه وانتقاله بعد أسره الى الولايات المتحدة الأميركية، حيث مكث في المنفى أكثر من 20 عاماً، وبالتحديد في ولاية فيرجينيا. لكنه بعد انتفاضة شباط عاد الى ليبيا بتاريخ 14آذار 2011.
اللافت أن طرح مبادرة حفتر تزامن مع مطالب الشعب الليبي وحراك «لا للتمديد للمؤتمر»، وبعد أيام قليلة من انتهاء ولاية المؤتمر الوطني في 7 شباط 2014، حيث خرج الشارع الليبي والقوى الوطنية والمجتمع المدني للتعبير عن رفضهم التمديد للبرلمان، على اعتاب الذكرى الثالثة لانتفاضة 17فبراير، التي احتفل بها الليبيون أول من امس حتى الفجر.
لقد أكد الجنرال المتقاعد رفضه لتمديد فترة عمل المؤتمر، باعتباره مصدر الشرعية الممنوحة للبرلمان، بالاستناد إلى ما آل اليه الحال في ليبيا، والانتهاكات التي حدثت إبان فترة عمل المؤتمر.
لذلك كان جلّ ما يؤكده حفتر «مبدأ السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات من دون ان يحتاج إلى أي رخصة في تقرير مصيره».
وحتى صباح يوم الاثنين، ذكرى انطلاق الانتفاضة الليبية من الشرق، لم يظهر أي شكل عسكري بعد الإعلان عن مبادرة حفتر، إذ ما من ملامح واضحة لظهور اللواء بعد هذا الإعلان، ولم يُعرَف حتى الآن مكانه، ولا محل إقامته الحالية وتصريحاته الإعلامية.
في أي حال، تعيش ليبيا اليوم بعد ثلاثة أعوام على الانتفاضة حالاً من الانقسام السياسي، والتوتر الأمني، بانتظار ما ستؤول اليه انتخابات اعضاء المجلس التأسيسي لصياغة الدستور غداً الخميس، حيث تقدم في الاجمال 692 مرشحاً، من بينهم 73 امرأة وفق اللجنة الانتخابية العليا.