بغداد | من مكة المكرمة، حيث انعقدت القمة العربية «الطارئة»، تَمايَز العراق بموقفه عن «الإجماع» العربي إزاء «التدخّل» الإيراني في شؤون عدد من الدول العربية. موقفٌ عكس «خصوصية» بغداد، ورؤيتها للتطوّرات التي تشهدها المنطقة، مع تحذير رئيس الجمهورية، برهم صالح، من حرب طاحنة «لا تبقي ولا تذر».هذه الرؤية جدّد صالح بالأمس تبنّيه لها، وذلك خلال لقاءات عدة، كان أبرزها مع السفير الإيراني في بغداد، إيرج مسجدي، الذي شكره على تحفّظ بلاده على بيان القمة العربية. وأكد صالح، أمام ضيفه الإيراني، أن «المسؤولية التاريخية في خضمّ الظروف المعقدة التي تمرّ بها المنطقة تحتّم علينا بذل الجهود لتخفيف حدة التوترات، ومنع أي تصعيد يهدد استقرار شعوبنا». ومن هنا أيضاً، جاءت دعوة صالح المتجددة، أثناء لقائه القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود، إلى «تبني نهج الحوار، وتجنب سياسة الحروب في التعامل مع أزمات المنطقة»، وتشديده على «ضرورة تجنيب العراق آثار الصراعات والأزمات».
تمت صياغة بيان قمة مكة مسبقاً من دون الرجوع إلى أحد


محاولات بغداد لعب دور «الإطفائي»، وتقريب وجهات النظر بين دول المنطقة، أشار إليها بالأمس السفير العراقي لدى طهران، سعد قنديل، بكشفه أن الرئيس صالح نقل رسالةً من طهران إلى الرياض وأبو ظبي والمنامة، في شأن مقترح التوقيع على معاهدة عدم الاعتداء. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية «إسنا» عن قنديل قوله إن «العراق رحّب بالمقترح الذي أعلنه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف»، موضحاً أنه «وبسبب عدم وجود علاقات دبلوماسية بين إيران وكل من السعودية والإمارات والبحرين، قرر المسؤولون العراقيون نقل هذا المقترح بالنيابة عن إيران... ويمكن اعتبار بغداد وسيطاً لتبادل الرسائل بين طهران والرياض وأبو ظبي والمنامة.
كذلك، أوضح الرئيس العراقي، الذي استقبل أمس أيضاً سفراء بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أن «سياسة بغداد ترتكز على الابتعاد عن سياسة المحاور لأي طرف، وتكثيف الجهود عبر الممرات الدبلوماسية للوصول إلى حلول سياسية». ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن هذه المواقف تأتي تواصلاً لما حدث في مكة، حيث تمت «الصياغة المسبقة للبيان من دون الرجوع إلى أحد... فالرياض أرادت حشداً عربياً وتبنّياً عربياً لمواقفها، وقد رفضنا ذلك، لأن التنسيق كان مفقوداً». وأضافت المصادر أن صالح كان بالوضوح نفسه بعيداً عن الأضواء، إذ أكد أن «حماية الاستقرار في العراق أولوية وطنية»، متابعة أن «العراق المتعاطف مع إيران لا يمكن أن يتّخذ موقفاً مشابهاً لموقف السعودي... فأي ضرر على طهران سينعكس مباشرة في بغداد».