بغداد | محمد جواد ظريف في العاصمة العراقية بغداد، في زيارة تُختتم اليوم. وزير الخارجية الإيراني، الذي انتقل من بغداد إلى النجف وكربلاء لزيارة المراقد المقدسة، التقى على مدى اليومين الماضيين كبار مسؤولي البلاد: رئيس الجمهورية برهم صالح، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وآخرين. لقاءات تأتي في ظلّ تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، وسط أنباء عن احتمال قيام العراق بدور «الوسيط».وزير الخارجية محمد علي الحكيم، أبدى استعداد بغداد لـ«أداء دور الوسيط بين واشنطن وطهران لحلّ الأزمة القائمة، انطلاقاً من حرصها على إرساء الأمن في المنطقة»، إلا أن ظريف أكد أن «طهران ليست في حاجة إلى وساطات... لكننا نرحب ونقدّر إجراءات ودعم أصدقائنا العراقيين». وفي هذا السياق، أكدت مصادر عراقية عدة أن بغداد «لن تقوم بأي وساطة بين الجانبين»، موضحة أن «الجهد الحالي المبذول هدفه النأي بالعراق عن أي مواجهة قد تقع، وإبعاد نيرانها عن البلاد». وهي جهود «تحقق بعض التقدم، لكنه لا يزال بطيئاً».
وبيّنت المصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، «الخطوط العامة» للمساعي العراقية، والتي تأخذ بعين الاعتبار العلاقات مع إيران (سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً وجغرافياً)، وفي الوقت نفسه الاتفاقات الموقعة مع الجانب الأميركي، شارحة أن الحديث لا يدور عن «وساطة» بالمعنى الحرفي، بقدر ما في الأمر «عملٌ على إنضاج وجهات النظر وتقريبها لحفظ أمن المنطقة واستقرارها»، الأمر الذي من شأنه تعزيز دور العراق وحضوره على الخريطة السياسية الإقليمية والعالمية في تجنّب أي «انزلاقة» غير محسوبة في الوقت الراهن. وأضافت المصادر إن الجانب العراقي يسعى إلى إنضاج بعض الحلول التي من شأنها تخفيف «الحصار الاقتصادي» عن إيران، شرط أن تكون «في مصلحة العراق من جهة، وتحظى بقبول أميركي من جهة أخرى».
وفي هذا الإطار، جدد الحكيم القول إن بلاده «لا ترى في الحصار الاقتصادي فائدة»، في إشارة إلى العقوبات الأميركية على طهران، مؤكداً أن بغداد «ضد الإجراءات الأحادية الجانب... نحن نقف مع إيران في موقفها». أما ظريف فقد جزم بأن بلاده «ستتصدى لأي جهود للحرب عليها، سواء كانت حرباً اقتصادية أو عسكرية»، مضيفاً إن طهران «ستواجهها بكل قوة». وفي قبالة التصلّب في الموقف من الولايات المتحدة، أبدى الوزير الإيراني «مرونة» إزاء حلفاء واشنطن المؤيدين لأي ضربة عسكرية ضد بلاده، إذ أعرب عن جاهزية إيران لـ«علاقات متوازنة مع دول الجوار العربية في الخليج»، مقترحاً «إبرام اتفاقية عدم اعتداء معها». كما توجه بكلمة إلى الأوروبيين، داعياً إيّاهم إلى «تفعيل آلية التجارة مع إيران، وبذل المزيد من الجهد للحفاظ على الاتفاق النووي»، قائلاً إن «إيران لم تنتهك الاتفاق النووي، لكن المحادثات ليست كافية للحفاظ على الاتفاق... وعلى أوروبا أن تقوم بخطوات عملية».
ظريف أعاد تأكيده أن «واشنطن تشنّ حرباً اقتصادية علينا»، فيما أبدى الجانب العراقي «التعاطف الكامل» مع الجمهورية الإسلامية، على حدّ تعبير مصدر دبلوماسي في حديثه إلى الأخبار. وفيما شدّد عبد المهدي أمام ضيفه على ضرورة «تجنيب البلدين والمنطقة أضرار العقوبات ومخاطر الحرب»، مؤكّداً «أهمية الأمن والاستقرار للمنطقة، وكيفية الإبقاء على الاتفاق النووي»، أشار صالح إلى أن «العراق يسعى إلى أن يكون نقطة التقاء بين الدول الشقيقة والصديقة، وعامل استقرار في المنطقة من أجل بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول، ولا سيما دول الجوار وفقاً للمصالح المشتركة».