تضاربت المعلومات حول ما يحصل في ليبيا من صراعات بين الأجنحة المُسلّحة على السلطة، حيث نفت السلطات أمس شائعات عن تنفيذ انقلاب عسكري في البلد بعد تصريحات أدلى بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، دعا فيها الى تعليق عمل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة، وإنشاء هيئة رئاسية تتولى حكم البلاد الى أن تُجرى انتخابات جديدة.
وتوالت أخبار حصول انقلاب في ليبيا أمس، حين شهدت العاصمة طرابلس تظاهرات احتجاجاً على قرار تمديد ولاية المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في الأسبوع الماضي، وهو ما أثار احتجاجات، فضلاً عن استقالة عدد من النواب.
وأفادت مصادر لقناة «العربية» بانقطاع الاتصالات والانترنت عن العاصمة الليبية، وأن قوات تابعة لحفتر، سيطرت على مرافئ حيوية في العاصمة طرابلس.
أما اللواء حفتر فقد ذكر، في بيان، «تعلن القيادة العامة للجيش الوطني عن مبادرتها لتقديم خريطة طريق من خمسة بنود ستُعلَن تفاصيلها خلال بضعة أيام بعد دراستها مع كافة القوى الوطنية ومناقشتها مجتمعياً وعبر الإعلام». وأضاف «يُعدّ المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في حكم المتوقفين عن آداء أي مهمات أو ممارسة أية اختصاصات. ويُعدّ الإعلان الدستوري المؤقت الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي مُجمداً الى حين إيجاد الآلية الدستورية المناسبة وفق ما تحدده خارطة الطريق».
وفي حوار مع صحيفة «الصباح نيوز» التونسية عبر الهاتف من مركز قيادته في طرابلس، أعلن حفتر أن ليبيا ستدشن مرحلة جديدة بخريطة طريق وبحكومة جديدة وبرئيس للدولة يتولى مهماته رئيس المجلس الأعلى للقضاء.
وادعى حفتر، الذي يُتّهم بأنه رجل الـ «سي آي إيه»، أن القوات المسلحة بأجمعها معه، ولم يبق مع المؤتمر الوطني «إلا بعض العصابات التي تعاملت معهم حتى 7 شباط (تاريخ انتهاء صلاحيات المؤتمر)»، اضافة الى «الذين نفذوا بعض الأعمال غير الأخلاقية، وهم مجموعة من الضالين الذين يتبعون بعض العناصر في المؤتمر».
وأوضح أنه وفقاً لخريطة الطريق التي أعدّها فإن «الحكومة سيرأسها رئيس وزراء مع عدد قليل من الوزراء، كما سيكون رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيساً للدولة، وسأكون على رأس القوات المسلحة، الفترة الانتقالية الجديدة ستدوم بين 6 أشهر وعام»، مضيفاً ان «90 في المئة من المؤسسات تحت سيطرتنا». وأشار الى أن أغلب المشاركين في المؤتمر الوطني سيُحاكمون، وبعضهم «هرب» إلى تونس.
وفي شريط مُسجّل على الانترنت، يؤكد اللواء حفتر ان قيادة الجيش الوطني الليبي تطرح مبادرة هي «خريطة طريق مؤلفة من خمسة بنود» ستُعلَن في الأيام المقبلة بالتشاور مع مختلف الأطراف.
وخلُص حفتر الى أن «هذا ليس بالانقلاب العسكري، لأن زمن الانقلابات قد ولى»، وان تحركه «ليس تمهيداً للحكم العسكري، بل وقوف الى جانب الشعب الليبي» لإعداد الظروف المناسبة للانتخابات.
في المقابل، وصف رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان، «الشائعات» بأنها «مدعاة للسخرية»، مشيراً «الى قرار صادر بحق حفتر واحالته على التقاعد منذ فترة». وأكد أن «الحكومة والمؤتمر يواصلان عملهما»، مشيراً الى أنه «أصدر الأوامر الى وزارة الدفاع باتخاذ الاجراءات بحق اللواء حفتر».
وقال زيدان «لن نسمح بانتزاع الثورة من الشعب الليبي»، نافياً وجود أي مظاهر مسلحة في الشوارع الليبية.
لكن المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام، وأكد رئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا، القائد الأعلى للقوات المسلحة، نوري أبو سهمين، أن محاول انقلاب حفتر «فاشلة»، مشيراً إلى تكليف جهاز الاستخبارات والشرطة العسكرية القبض على كافة الضباط الذين صدرت عنهم مواقف سياسية بالإعلام أو حضروا ملتقيات ذات طابع سياسي أو التقوا مع سياسيين سراً، وعلى رأسهم حفتر.
وأوضح، في كلمة متلفزة بثها التلفزيون الليبي أمس، أن «حفتر لا يمثل شيئاً في المؤسسة العسكرية، إلا أنه ادعى ترتيب انقلاب عسكري، وهو لا يملك أي صفة رسمية بالجيش، وقد أحيل على التقاعد منذ فترة». بدوره، أعلن المتحدث باسم هيئة أركان الجيش الليبي، العقيد علي الشيخي لوكالة «فرانس برس» أن «الحديث عن محاولة انقلاب في ليبيا «أكذوبة»، مؤكداً أن «الوضع تحت السيطرة ولا وجود لأي حركة مشبوهة».
وكان حفتر حليفاً للزعيم الراحل معمر القذافي، في وقت من الأوقات، لكنه انشق عليه بشأن الحرب مع تشاد في الثمانينات. وسعى في وقت لاحق للاقامة في المنفى في الولايات المتحدة، لكنه عاد ليصبح قائداً في القوات المسلحة في انتفاضة 2011. ولم يتضح مدى نفوذه حتى داخل الجيش الليبي الناشئ في بلد تتمتع فيه الجماعات المسلحة الأخرى بوضع أقوى.
وكان حزب العدالة والبناء، قد دعا أول من امس، إلى انتخابات مبكرة بعد القرار المثير للجدل الذي اتخذه المؤتمر الوطني بتمديد ولايته التي كان يفترض ان تنتهي في 7 شباط حتى كانون الأول القادم.
ويوجد انقسام شديد داخل المؤتمر الوطني العام بسبب الاقتتال الداخلي بين حزب تحالف القوى الوطنية والاسلاميين في حزب العدالة والبناء المرتبط بجماعة الاخوان المسلمين وحركة الوفاء.
وتبنى المؤتمر «خريطة طريق» تشمل سيناريوهين، اولهما انتخابات عامة في نهاية العام، اذا تمكنت الهيئة التأسيسية من تبني مشروع قانون تأسيسي في مهلة أربعة أشهر بعد انتخابها المقرر في 20 شباط. أما في حال تعذر التزام هذه المهلة، فينص السيناريو الثاني على ان يدعو المؤتمر فوراً الى انتخابات تشريعية ورئاسية استعداداً لفترة انتقالية جديدة تستغرق 18 شهراً.
الى ذلك، أعلنت الحكومة الليبية أن النيجر سلمت طرابلس رئيس جهاز الأمن الداخلي في النظام الليبي المخلوع، عبد الله منصور. وقالت الحكومة في بيان إنها أرسلت الى السلطات النيجرية أدّلة تثبت تورط منصور «في التخطيط لأعمال ارهابية تستهدف زعزعة استقرار ليبيا».
ورأت نيامي بالتالي ان المسؤول الليبي السابق «انتهك التعهدات التي قطعها»، و«لم يحترم شروط لجوئه».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)