تسعى الإمارات إلى حرب في طرابلس لفرض حفتر على رأس جيش موحد
من الناحية المقابلة، شرعت القوات التابعة لحكومة الوفاق بترتيب صفوفها منذ مدة. بدأ الأمر بإصدار السراج أمر إعفاءٍ لرئيس أركان الجيش، اللواء ركن عبد الرحمن الطويل، أنهى بمقتضاه خدمته وخفّض رتبته العسكرية إلى عميد ركن، وذلك لتصريحات أدلى بها الشريف، وأظهر فيها ميلاً إلى التعاون مع قوات حفتر، واستُبدل الفريق ركن محمد مهدي الشريف به، وكذلك عُيِّن سالم حجا نائباً له، والأخير أحد أبرز وجوه عملية «البنيان المرصوص» التي أنهت وجود تنظيم «داعش» في مدينة سرت قبل ثلاثة أعوام، ولا تزال تسيطر عليها حتى الآن.
عقب ذلك، اجتمع رؤساء المناطق العسكرية الثلاث، التابعة لحكومة الوفاق، مع عدد من التشكيلات العسكرية التابعة اسمياً لوزارة الداخلية، واتفقوا على تكوين قوة مشتركة لحماية طرابلس، بعدما تمكن قائد المنطقة الغربية، أسامة جويلي، أول من أمس، من السيطرة على «قاعدة الوطية الجوية»، الواقعة غرب طرابلس، والتي تديرها مجموعات موالية لحفتر. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، إذ شهدت مدينة غريان، جنوبي العاصمة، حملة تطهير جديدة شملت عناصر موالين لحفتر، وتوجه وفد قبلي إلى مدينتي صبراتة وصرمان، غربي العاصمة، والتقى بأعيان المدينة، ليحثهم على قطع صلاتهم بحفتر، وإلا فإن عليهم «تحمل التبعات».
في ضوء ذلك، يرى الباحث الليبي، بشير الزواوي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «طريق حفتر إلى تحصيل منصب بالطرق القانونية والسياسية يبدو مسدوداً». لذلك «هو يمارس لعبته المعهودة»، أي «الحرب والقضاء على خصومه». وحول الجهات الدولية الداعمة له عسكرياً، يؤكد الزواوي أن «الإمارات تحديداً تسعى إلى إشعال حرب في طرابلس، فهي مستفيدة في هذا الوقت إن كسبَ حفتر الحرب أو فرض شروطه للانفراد بمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة».
هذا التحليل لا ينفرد به الزواوي، إذ أشار إليه الباحث الليبي، طارق المغريسي، في مقال نشره قبل يومين في مجلة «فورين بوليسي»، معتبراً أن حفتر يسعى للوصول إلى «صفقة» قبل انعقاد «الملتقى الوطني»، الذي تنطلق أعماله في الـ14 من هذا الشهر في مدينة غدامس الليبية. ويُنتظر أن يهيئ الأرضية لتنظيم استفتاء على الدستور، وانتخابات برلمانية ورئاسية. ويرى المغريسي أن حفتر يسعى لتحويل مكاسبه على الأرض، التي حققها في الأعوام الأخيرة، عبر السيطرة أولاً على منطقة الخليج النفطي عام 2016، ثم السيطرة على منابع النفط في الجنوب في الأشهر القليلة الماضية، إلى منافع سياسية، وخاصة هدفه النهائي، الذي لقي رفضاً حتى الآن، وهو التموقع على رأس جيش ليبي موحد.