في تصعيد مفاجئ، أعلنت قوات المشير خليفة حفتر، توجيه وحدات عسكرية، بإشراف مباشر من القائد العام، نحو المنطقة الغربية التي تخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، وتشمل النواحي الممتدة من سرت في الوسط، إلى الحدود التونسية غرباً، وأوباري جنوباً. وأظهر مقطع مصور نشرته القناة الرسمية للمكتب الإعلامي لـ«القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية» في «يوتيوب»، كما تطلق على نفسها قوات حفتر، بضع مئات من الشاحنات الرباعية الدفع، المجهزة برشاشات ثقيلة، وبضع راجمات صواريخ، إضافة إلى عربات إسعاف، وأخرى تحمل مؤناً ووقوداً. وتشير المعلومات القادمة من شرق البلاد، إلى تشكل القوة من ثلاثة ألوية، إضافة إلى «كتيبة طارق بن زياد»، التي كانت لها أدوار مهمة في معارك حفتر الأخيرة، وكتائب أخرى.وفي حين تبقى فيه الوجهة المحددة لهذه القوات مجهولة حتى الآن، قال الناطق الرسمي باسمها، العميد أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي، مساء أمس، إن «كل من يحمل السلاح في وجه القوات المسلحة، سيكون في عداد المرتزقة وتنظيمات القاعدة الإرهابية». وشدد، كما جرت العادة في مؤتمراته الأسبوعية، على القول إنهم «لا يرضون بأن تدار ليبيا من طرف قطر التي تدعم الإرهاب». مع ذلك، أشارت بعض المصادر لوسائل إعلام ليبية، إلى تمركز القوات في منطقة الجفرة، على الحدود مع مناطق سيطرة حكومة الوفاق، من دون وجود تعليمات للتقدم أكثر.
تسعى الإمارات إلى حرب في طرابلس لفرض حفتر على رأس جيش موحد


من الناحية المقابلة، شرعت القوات التابعة لحكومة الوفاق بترتيب صفوفها منذ مدة. بدأ الأمر بإصدار السراج أمر إعفاءٍ لرئيس أركان الجيش، اللواء ركن عبد الرحمن الطويل، أنهى بمقتضاه خدمته وخفّض رتبته العسكرية إلى عميد ركن، وذلك لتصريحات أدلى بها الشريف، وأظهر فيها ميلاً إلى التعاون مع قوات حفتر، واستُبدل الفريق ركن محمد مهدي الشريف به، وكذلك عُيِّن سالم حجا نائباً له، والأخير أحد أبرز وجوه عملية «البنيان المرصوص» التي أنهت وجود تنظيم «داعش» في مدينة سرت قبل ثلاثة أعوام، ولا تزال تسيطر عليها حتى الآن.
عقب ذلك، اجتمع رؤساء المناطق العسكرية الثلاث، التابعة لحكومة الوفاق، مع عدد من التشكيلات العسكرية التابعة اسمياً لوزارة الداخلية، واتفقوا على تكوين قوة مشتركة لحماية طرابلس، بعدما تمكن قائد المنطقة الغربية، أسامة جويلي، أول من أمس، من السيطرة على «قاعدة الوطية الجوية»، الواقعة غرب طرابلس، والتي تديرها مجموعات موالية لحفتر. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، إذ شهدت مدينة غريان، جنوبي العاصمة، حملة تطهير جديدة شملت عناصر موالين لحفتر، وتوجه وفد قبلي إلى مدينتي صبراتة وصرمان، غربي العاصمة، والتقى بأعيان المدينة، ليحثهم على قطع صلاتهم بحفتر، وإلا فإن عليهم «تحمل التبعات».
في ضوء ذلك، يرى الباحث الليبي، بشير الزواوي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «طريق حفتر إلى تحصيل منصب بالطرق القانونية والسياسية يبدو مسدوداً». لذلك «هو يمارس لعبته المعهودة»، أي «الحرب والقضاء على خصومه». وحول الجهات الدولية الداعمة له عسكرياً، يؤكد الزواوي أن «الإمارات تحديداً تسعى إلى إشعال حرب في طرابلس، فهي مستفيدة في هذا الوقت إن كسبَ حفتر الحرب أو فرض شروطه للانفراد بمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة».
هذا التحليل لا ينفرد به الزواوي، إذ أشار إليه الباحث الليبي، طارق المغريسي، في مقال نشره قبل يومين في مجلة «فورين بوليسي»، معتبراً أن حفتر يسعى للوصول إلى «صفقة» قبل انعقاد «الملتقى الوطني»، الذي تنطلق أعماله في الـ14 من هذا الشهر في مدينة غدامس الليبية. ويُنتظر أن يهيئ الأرضية لتنظيم استفتاء على الدستور، وانتخابات برلمانية ورئاسية. ويرى المغريسي أن حفتر يسعى لتحويل مكاسبه على الأرض، التي حققها في الأعوام الأخيرة، عبر السيطرة أولاً على منطقة الخليج النفطي عام 2016، ثم السيطرة على منابع النفط في الجنوب في الأشهر القليلة الماضية، إلى منافع سياسية، وخاصة هدفه النهائي، الذي لقي رفضاً حتى الآن، وهو التموقع على رأس جيش ليبي موحد.