ريف دمشق | أعلنت «الهيئة الوطنية الأهلية الفلسطينية»، أمس، نجاح المبادرة السياسية لـ«تحييد مخيم اليرموك عن الصراع المسلّح في سوريا». وجاء هذا الإعلان بعد اجتماع جرى أول من أمس، في شارع راما، الواقع على مدخل المخيّم، بين ممثلين عن المسلّحين الفلسطينيين، وممثلي فصائل «القيادة العامة» و«جبهة النضال الشعبي» و«جبهة التحرير الفلسطيني»، وممثلين عن ثمانية فصائل أخرى، و«لجنة المصالحة الوطنيّة». وتوصل المجتمعون إلى اتفاق على «تحييد مخيّم اليرموك»، ينسحب بموجبه المسلّحون غير الفلسطينيين من المخيّم، ويتسلّم مواقعهم عناصر من الفصائل الفلسطينية.
وجرى الاتفاق على إدخال لجنة كشف ألغام إلى المخيّم لتأمين مداخله. وكشف ممثلو المسلحين الفلسطينيين، في الاجتماع، عن انسحاب عناصر «جبهة النصرة»، وموافقة كتائب «ابن تيمية» على الانسحاب في غضون أيام، في حين أن التفاوض لا يزال مستمراً بين المسلّحين الفلسطينيين ومسلحي الأجزاء الغربية من التضامن، المتاخمة لشارع فلسطين في مخيم اليرموك، لكي يقوم الأخيرون بالانسحاب من محيط المخيم، من جهة التضامن. وكانت «لجنة المصالحة الوطنية» قد سلّمت ممثلي المسلّحين الفلسطينيين عدداً من أعلام الجمهورية العربية السورية، ليصار إلى رفعها في أحياء المخيّم الأساسيّة، تمهيداً لانسحاب المسلّحين منه. ومساء أول من أمس «رفرف العلم السوري في شارع الثلاثين، وقبالة ساحة الريجي في عمق المخيّم»، كما يؤكّد مقاتل من «القيادة العامة». وبحسب الاتفاق الأخير، ستجري تسوية أوضاع من يرغب من المسلّحين الفلسطينيين على غرار ما جرى في المناطق التي شهدت تسويات في ريف دمشق، وسيتولّى الجيش السوري تسوية الأوضاع بدلاً من الفصائل الفلسطينية.
وعلمت «الأخبار» أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، تدخل شخصياً لدى المسلحين المقربين من الحركة، وحثّهم على «إبعاد المسحلين الغرباء» من المخيم. ونقل مشعل إلى المسلحين ضمانات إيرانية بسلامة من يلقي السلاح وبعدم دخول الجيش السوري إلى المخيم بعد فكّ الحصار عنه.
وأشار مصدر مقرّب من «القيادة العامة» لـ«الأخبار» إلى أن هذا الاتفاق يحمل طابعاً جديّاً أكثر من الاتفاقات السابقة. وبرأيه، إن السبب هو «أنه تضمّن أمراً جديداً، كان مغيّباً في السابق، هو موافقة المسلّحين غير الفلسطينيين على الانسحاب»، التي جاءت على أرضيّة استياء الأهالي من اشتباك السبت، الذي أوقف المساعدات، وكاد هذا الاستياء يتحوّل إلى «مواجهة عسكرية ضدّ المسلّحين؛ لأن البقاء مع هؤلاء من الآن فصاعداً بات يعني الموت الجماعي من الجوع». إذ بعد تسعة أيام من استمرار نجاح مبادرة الفصائل الفلسطينية في إدخال المساعدات الإغاثية، وإخراج المدنيين الذين يعانون أوضاعاً طبية صعبة، شنّ المسلّحون أول من أمس هجوماً على محور شارع الثلاثين، غربي المخيّم، أثناء توزيع المساعدات على الأهالي، فقتلوا عنصراً من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــ القيادة العامة»، وجرحوا آخر. ثمّ «تحوّلت الفسحة التي يجري فيها تسليم المساعدات إلى ساحة اشتباك»، يقول ناشط في الإغاثة لـ«الأخبار». ويضيف: «مع بداية الاشتباك انسحبت كل فرق الإغاثة من المخيّم، وتوقّف توزيع المساعدات حتّى إشعارٍ آخر». إلا أن مختلف الجهات المشاركة في تنفيذ المبادرة ستستمر على العمل لإيصال المساعدات إلى الأهالي، بحسب مصادر من الفصائل الفلسطينية، ومنها «القيادة العامة»، التي يقول أحد قادتها الميدانيين لـ«الأخبار» إنّ «الهدف من الهجوم على فرق الإغاثة هو توقيف إيصال المساعدات، ثم اتّهامنا والحكومة السورية بالتخلي عن واجبنا تجاه شعبنا». ويؤكّد المصدر: «سنواصل عمليات الإغاثة بعد تأمين القنوات إلى داخل المخيّم من جديد».
إلى ذلك، توفّي أمس مسنّ فلسطيني، نتيجة نقص الغذاء، ليصل بذلك عدد ضحايا الجوع إلى 103 في المخيم.