القاهرة | المسؤول عن تجميل وجه الدولة، بحكم منصبه رئيساً لـ«الهيئة العامة للاستعلامات»، هو نفسه الذي صار نقيباً للصحافيين المصريين. هذا ما أسفرت عنه انتخابات النقابة العريقة، والتي جرت يوم الجمعة الماضي. وفيما غاب «تيار الاستقلال» عن المنافسة على موقع النقيب، وحاز كرسياً وحيداً من أصل ستة لمجلس الإدارة، عادت إلى الأخير وجوه قديمة، وأخرى تعهدت بتقديم خدمات للصحافيين.يتندّر الصحافيون بأن ضياء رشوان، النقيب القديم ـــ الجديد، سيعمل من مكتبه في «الهيئة العامة للاستعلامات»، التابعة للرئاسة مباشرة، للرد على الإشاعات وتحسين صورة الدولة ورئيسها عبد الفتاح السيسي صباحاً، ثم سيتوجه مساء إلى مقر «نقابة الصحافيين» ساعياً للإفراج عن الصحافيين المحبوسين، ومدافعاً عن «حرية الصحافة»، مع أنه سيضطر بصفته رئيساً للهيئة إلى تكذيب كثير مما سيرِدُ في الصحف!
نتائج الانتخابات جاءت في غالبيتها متوقعة (راجع: مصر: «نقابة الصحافيين» في قبضة رجل الدولة؟، العدد 3700 في 2019/3/1). إذ فضّل الصحافيون انتخاب النقيب الأسبق، رشوان، مجدداً، خاصة أنه وعد بزيادة البدل المالي بنسبة 25% خلال شهرين، بالإضافة إلى صحافيين (ترشحوا لمقاعد مجلس النقابة) وعدوا بتوفير خدمات مثل حل مشكلات بطاقات التموين، وتخفيضات على أسعار السلع، فضلاً عن «القروض الحسنة» التي تمنحها النقابة.
اللافت هو ما جرى في «الجمعية العمومية» التي سبقت الانتخاب، حيث شهدت حديثاً لعضو المجلس محمد سعد عبد الحفيظ، تطرق فيه إلى «غروبات الواتسآب» التي يتلقّى فيها رؤساء التحرير التعليمات الأمنية، إضافة إلى سوء أوضاع الحريات وما وصلت إليه المهنة، مع الأخذ بالاعتبار أن كلمة عبد الحفيظ عبّرت عن واقع يرفض كثيرون الاعتراف أو الإقرار به.
أقرّت «الجمعية العمومية» للنقابة قرارات تمثّل انقلاباً مسبقاً على النقيب


وفي ما يشكّل انقلاباً مسبقاً على رشوان، أقرت «الجمعية العمومية» حظر الجمع بين موقع النقيب أو عضوية مجلس النقابة، وبين أي منصب حكومي بالتعيين أو الانتداب أو الإعارة أو على أي نحو كان، وذلك لـ«صون استقلال نقابة الصحافيين واستقلالية نقيبهم وأعضاء مجالسهم، وحرصاً على تجنّب تعارض المصالح، وكذلك إعمالاً لضمانات القانون التي تشدد على استقلالية الصحافيين أنفسهم»، على أن ينطبق الحظر على أي منصب آخر «يخدش استقلالية العمل النقابي أو لا ينأى به عن تعارض المصالح».
أيضاً، نصّ التعديل على اعتبار من يخالف هذا القرار مستقيلاً تلقائياً من موقعه النقابي، ثم تعود الجمعية لانتخاب بديل له، لكن «يراعى تطبيق ذلك اعتباراً من الانتخابات المقبلة بعد دراسته دراسة قانونية». ولهذا، سوف تُشكّل لجنة من النقابة لبحث تطبيق القرار، مع الأخذ بالاعتبار أن النقيب المنتخب حديثاً سيسعى لاستخدام حيثيات حكم سابق صدر لمصلحته من «المحكمة الإدارية العليا»، ويقضي بتأييد ترشحه للانتخابات، كي يكون ضمانة لوضعه القانوني مستقبلاً، علماً بأن اللجنة المشكّلة ستستغرق بعض الوقت لبدء ممارسة عملها.
ومن القرارات المهمة للجمعية نفسها، إلزام مجلس النقابة بإحالة رؤساء مجالس إدارات الصحف من أعضاء النقابة ورؤساء تحرير الصحف على التأديب في حالة فصلهم الصحافيين تعسفياً، وتكليف مجلس النقابة العمل على «مواجهة جادة وسريعة لظاهرة الفصل التعسفي واعتبارها خطاً أحمر، مع سرعة العمل على إقرار لائحة موحدة للأجور في كل المؤسسات التي تقبل العضوية منها بالنقابة، بما يضمن حياة كريمة للصحافي، على ألا يقل الحد الأدنى المقبول به في العقود التي تعترف بها النقابة عن الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة».
كذلك، قررت الجمعية إضافة بنود تتضمن مواد خاصة بتأديب أعضاء النقابة في اللائحة الداخلية، للعمل بها إلى حين التدخل التشريعي بتعديل قانون النقابة. وإلى جانب توصيات قانونية أخرى، طلبت الجمعية أخذ رأي النقابة في «أي إجراءات تتعلق بدمج المؤسسات الصحافية القومية، أو إلغاء بعض إصداراتها حفاظاً على حقوق الصحافيين العاملين فيها»، في إشارة إلى قرارات رسمية تخص هذه المؤسسات وعقاراتها وموظفيها.
إلى ذلك، جددت «الجمعية العمومية للنقابة» تمسكها بجميع قرارات الجمعيات العمومية السابقة بشأن «حظر أشكال التطبيع المهني والنقابي والشخصي بكافة أشكاله مع الكيان الصهيوني، ومنع إقامة أي علاقات مع المؤسسات الإعلامية والجهات والأشخاص الإسرائيليين حتى تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، واعتبار الدخول إلى أي منطقة تقع تحت سلطة الاحتلال الصهيوني أو التنسيق مع سلطات العدو بأي شكل يندرج تحت الحظر».