كأنّ الجولة الأولى من محادثات «جنيف 2» لم تنته. فاصل العشرة أيام لم يحمل أي جديد ليضاف إلى مائدة التفاوض. حضر الوفدان، أمس، بالعدة البشرية و«العتاد الكلامي» ذاتهما. الأولويات على حالها: وفد الحكومة يريد «مكافحة الارهاب»، و«الائتلاف» يبحث عن «هيئة الحكم الانتقالي».
لم يستطع الوسيط الأممي الأخضر الإبراهيمي أن ينظم المفاوضات على أساس «أجندة واضحة» كما وعد. طرح، أمس، أن يجري البحث في المسائل الخلافية «بالتوازي». لكن الجولة الثانية من مفاوضات «جنيف 2» بدأت في ظلّ ثبات الطرفين على موقفيهما. الأخضر الإبراهيمي التقى الوفدين على حدة، بعدما حثّ، بحسب مذكرة، الطرفين على بحث الملفين الأكثر تعقيداً في المفاوضات «بالتوازي»، بعدما حال الخلاف حولهما دون توصل الجولة الأولى التي اختتمت في 31 كانون الثاني إلى نتائج ملموسة.
وجاء في المذكرة أنّ «موضوعي إقامة هيئة الحكم الانتقالي وإنهاء العنف ومحاربة الارهاب، هما أهم الموضوعات التي يجب معالجتها من أجل تطبيق بيان جنيف واحد تطبيقاً كاملاً». وأضافت أنّ الموضوعين «هما أكثر الموضوعات تعقيداً وحساسية»، وستتطلب معالجة كل منهما «جلسات عدة ومناقشات طويلة». ورأت أن «أي تقدم نحو إنهاء العنف أو أي تقدم في مكافحة الارهاب من شأنه أن يساعد على خلق الجو المناسب للتقدم في تحقيق التوافق المطلوب حول هيئة الحكم الانتقالية»، وأنّ «التقدم في تحقيق التفاهم اللازم حول هيئة الحكم الانتقالي سيساعد على التقليل من العنف ثم إنهائه، وكذلك على التعاون في محاربة الارهاب». وأضافت «من هنا أهمية التعامل مع الموضوعين بالتوازي». وأشارت إلى أنه «لم ينتج من الجلسات العامة (المشتركة) أثناء الجلسة الأولى نتيجة تذكر، ولذلك من الأفضل هذه المرة أن تنظم اجتماعات منفردة»، على أن ترجأ الجلسة المشتركة إلى اليوم الثاني أو الثالث. والتقى الدبلوماسي الجزائري عند الساعة العاشرة صباحاً وفد المعارضة برئاسة كبير المفاوضين هادي البحرة. وبعد ساعة ونصف ساعة، التقى الوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري. وبدا التباعد بين الطرفين جلياً في تصريحاتهما، إذ طالب الوفد الرسمي الإبراهيمي بإدانة مقتل أكثر من 40 شخصاً في قرية معان، في ريف حماة، في هجوم شنّته «جبهة النصرة» على القرية.
وأعلن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أنّ الوفد الرسمي طرح «أهمية اتخاذ موقف من الامم المتحدة والسيد الإبراهيمي ومن قبل الجميع، لإدانة هذه المجزرة ووقف الإرهاب في سوريا». وشدد على أنه «لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن نتحدث عن عملية سياسية حقيقية إلا عندما يتوقف القتل والارهاب»، مؤكداً ضرورة مناقشة «جدول الاعمال الذي طرحه جنيف واحد بنداً بنداً وصولاً إلى كل المشاكل». وأضاف «أودّ أن أكون صريحاً ومباشراً، نحن لن نتردد في مناقشة موضوع الحكومة الانتقالية عندما يحين الوقت المناسب لذلك على جدول أعمال جنيف».
في المقابل، قال المتحدث باسم «الائتلاف»، لؤي صافي، إثر الاجتماع، إنّ أحد المطالب هو «وقف العنف، بدءاً بعنف النظام». وأشار إلى أن الإبراهيمي عمد إلى عقد جلسات منفصلة بعد «إضاعة النظام الوقت» في الجولة الأولى.
من جهته، قال عضو وفد «الائتلاف»، أنس العبدة، إنّ «المعارضة عزّزت وفدها بإضافة ممثلين لكتائب مسلحة تقاتل في الداخل» السوري. وأضاف أنّ وفداً «عسكرياً وأمنياً يتألف من سبعة أعضاء انضم إلى الشخصيات المدنية من أعضاء الائتلاف».
ومن بين هذه الجماعات «جبهة ثوار سوريا» و«منشقون من جهاز الأمن السوري». ولفت العبدة إلى أنهم «سيجلسون إلى مائدة التفاوض عندما تنتقل المحادثات إلى القضايا العسكرية».
وفي مسعى لرأب الصدع، اقترحت روسيا، أمس، انضمام دبلوماسيين من موسكو وواشنطن إلى زملائهم من الامم المتحدة في جنيف، بحسب نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وعلق مصدر دبلوماسي أميركي بالقول «إذا كانت اجتماعات إضافية تحت راية الأمم المتحدة ستساعد في دفع المفاوضات قدماً، فنحن على استعداد كبير للبحث فيها».
وفي السياق، أعلنت الأمم المتحدة أن الإبراهيمي سيلتقي كلّاً من نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، ومساعدة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، يوم الجمعة، ولم تكشف المنظمة مزيداً من التفاصيل.
في سياق آخر، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنّ بلاده ودولاً أخرى ستطرح مشروع قرار في مجلس الامن الدولي للمطالبة بفتح ممرات إنسانية في الداخل السوري لتأمين وصول المساعدات الانسانية إلى المدنيين في كل المدن المحاصرة. وأفاد دبلوماسيون في الأمم المتحدة بأنّ المشاورات تتواصل لإقناع موسكو بالموافقة على مشروع قرار في شأن الوضع الانساني في سوريا وضعته لوكسمبورغ وأستراليا والأردن، ويحظى بدعم الدول الغربية والعربية.
في موازاة ذلك، طالب «الائتلاف» مجلس الأمن الدولي بالتعجيل في استصدار هذا (مشروع) القرار. وأصرّ، في بيان، على إدراج بنود «وقف العنف وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في المناطق المحاصرة من قوات النظام».
إلى ذلك، أعلنت البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية نقل دفعة ثالثة من العناصر الكيميائية السورية على متن سفينة نروجية إلى المياه الدولية أمس. وأعرب المدير العام لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية، أحمد أوزمجو، عن أمله بأن يعطي نقل الدفعة الثالثة «دفعاً جديداً» للعملية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)