غزة | على رغم استباق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قراره تشكيل حكومة جديدة، بإرساله عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، جبريل الرجوب، إلى القاهرة، قبل ثلاثة أسابيع، لمعرفة الموقف المصري من هذه الخطوة، إلا أن المصريين عادوا وأبدوا غضبهم من الخطوة التي عارضوها مسبقاً، لأنها ستنعكس سلباً على ملف المصالحة، كما تفيد بذلك مصادر مطلعة على سير المباحثات مع الوفد المصري.تقول المصادر لـ«الأخبار» إنه خلال المباحثات اشتكت حركة «حماس» من «الخطوات الأحادية الجانب» التي يواصل عباس فرضها، وآخرها «تشكيل حكومة فتحاوية بعيداً عن أي توافق»، وهو ما قابله المصريون بإبلاغهم الحركة «امتعاضهم وغضبهم من تكليف القيادي الفتحاوي محمد اشتية تشكيل حكومة جديدة».
وينظر كثيرون إلى خطوة «فتح» على أنها «رصاصة الرحمة» على اتفاق المصالحة الأخير الذي رعته القاهرة نهاية 2017، وكانت ترى فيه حكومة «الوفاق الوطني» قاعدة يمكن البناء عليها لتنفيذ باقي بنود المصالحة المتفق عليها منذ 2011. أما وجهة النظر «الفتحاوية»، فهي أن تأخر تنفيذ اتفاق المصالحة، وعدم تمكين الحكومة في غزة، وأخيراً قبول القاهرة إعادة تسلّم «حماس» معبرَي رفح وكرم أبو سالم، عوامل نسفت الاتفاق وأنهته بموافقة الراعي المصري.
تشرح المصادر نفسها أن «الغضب المصري» مبنيّ على رفض القيادة المصرية مسبقاً ما نقله المندوب الفتحاوي إلى وزير «المخابرات العامة»، عباس كامل، الشهر الماضي، من أن ما يفعله عباس «خطوة لمواجهة صفقة القرن». لكن هذه الخطوة تزيد عملياً الخلاف بين القاهرة والسلطة الذي هدأ منذ مدة قصيرة، وهو يتراكم مجدداً بعد رفض رام الله طلبات مصرية متكررة بإيقاف الخطوات العقابية بحق الغزيين، وإكمال مسيرة المصالحة، وقبلها التصالح مع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان.
نتنياهو: إدخال الأموال القطرية للإبقاء على الانقسام بين «فتح» و«حماس»


في شأنٍ آخر، لم تؤثر خطوة تكليف اشتية تشكيل الحكومة في مفاوضات التهدئة بين «حماس» والعدو الإسرائيلي برعاية مصرية، إذ استمرّ قدوم الوفود الدولية والعربية خلال اليومين الماضيين من أجل تثبيت الهدوء في غزة، ووقف الضغط الميداني على الحدود قبل الانتخابات الإسرائيلية، في وقت سمحت فيه إسرائيل بدخول الأموال القطرية إلى عشرات آلاف الأسر الفقيرة في القطاع، وأعطت موافقة على تحسين واقع الكهرباء.
وحالياً، تنتظر «حماس» وصول الوفد الأمني المصري الخميس المقبل لاستكمال مباحثات التهدئة، وتسلّم الردّ الإسرائيلي على شروطها التي حملها الوفد في زيارته الأخيرة لضمان استمرار الهدوء إلى نهاية الشهر الجاري، بعدما أمهلت الحركة العدو حتى الثلاثين من الشهر الجاري، الذي يصادف ذكرى انطلاق «مسيرات العودة». وحتى هذا الموعد، تترقب «حماس»| تنفيذ تحسينات الكهرباء، وإدخال الأموال، والبدء بمشاريع التشغيل، وزيادة مساحة الصيد حتى 20 ميلاً بحرياً، وإلا فستضطر «حماس» إلى «استخدام جميع الأدوات الخشنة في هذا اليوم».
مع ذلك، تشير المصادر إلى حدوث تقدم في التفاهمات، خاصة أنه بعد يوم واحد من وصول السفير القطري محمد العمادي، شرعت الحكومة السابقة في صرف الدفعة المالية الرابعة من المساعدات القطرية للأسر الفقيرة. وعقد العمادي لقاءات مع مسؤولين بينهم جون كلارك، وهو رئيس بعثة «الرباعية الدولية» في القدس ورام الله، وتوكوميتسو كوباياشي وهو مدير «مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في القدس» (UNOPS)، للبدء في تنفيذ مشروع الكهرباء 161، وخط ألغاز لمحطة توليد الكهرباء «بعد موافقة إسرائيلية مبدئية على هذه المشاريع»، وفق بيان صادر عن مكتب السفير في غزة.
أيضاً، تزامن وجود العمادي مع وصول المنسق الخاص لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، يكولاي ملادينوف، لمتابعة تنفيذ 10 آلاف فرصة عمل مؤقتة للمتعطّلين من العمل. في المقابل، برّر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، إدخال دفعة الأموال القطرية بأنه «جزء من استراتيجية إسرائيلية واسعة النطاق للإبقاء على الانقسام بين فتح وحماس»، فيما هاجمت «فتح» السماح بإدخال الأموال كعادتها.