حمص | قد يكون إنجاز «جنيف 2» الوحيد ما يترجم اليوم في حمص القديمة. مئات المدنيين سيبدأون بالخروج من المنطقة المحاصرة. مصدر رفيع في الأمم المتحدة أكّد أن حمص ستكون مثالاً يعمّم على المناطق المحاصرة في سوريا، حيث سيعمل على مساعدة المدنيين المحاصرين، كما جرى الاتفاق في أروقة «جنيف 2».
وإذا كانت البداية من حمص، فإنّ الأب الهولندي فرانس فان در لوخت ليس في قائمة أسماء 200 مدني، أو أكثر، سيخرجون من حمص القديمة إلى المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية. هذا ما أكده محافظ حمص طلال البرازي إثر عودته من دمشق، بعد عقد اتفاق مع الأمم المتحدة يكفل خروج المدنيين، عند التاسعة من صباح هذا اليوم. نساء وأطفال وعجزة سيخرجون على دفعات يوميّة، بتغطية إعلامية محلية ودولية. وطلبت الحكومة السورية خروج الأب فرانس بين مدنيي هذه الدفعة، إلا أنها لم تعتبره شرطاً. لكن الأب الهولندي لن يخرج، وهو صرّح أكثر من مرة بأنه لا يودّ الخروج من دير الآباء اليسوعيين، وأنه باقٍ فيه بملء إرادته.
ويرى محافظ حمص أنّ من غير الممكن أخذ تصريحات الأب فرانس على محمل الجد، لأنه موجود هُناك تحت ضغط السلاح.
إلى ذلك، ستتوقف الاشتباكات التي احتدمت خلال الأيام الماضية، بحسب ضمانات حصلت عليها الأمم المتحدة من دمشق بوقف إطلاق النار، تحت بند «خلق الظروف الملائمة من كل الأطراف لخروج المدنيين بشكل آمن»، ريثما يتم تنفيذ الاتفاق. إطلاق النار سيتوقف بشكل تام بدءاً من السادسة صباحاً حتى السادسة مساءً. يأتي ذلك بعد أيام من عودة المسلحين إلى محاولة خرق حصارهم بالهجوم على حواجز الجيش في المنطقة.
الاتفاق القائم ليس نتيجة لجولة اجتماعات مؤتمر «جنيف 2»، بحسب البرازي، إذ تم إنجاز الاتفاق ذاته منذ تشرين الأول من العام الفائت مع الصليب الأحمر، وفي اللحظة الأخيرة لم يسمح المسلحون للمدنيين بالخروج.
الأمر لا يعدو اليوم كونه استكمالاً لما أنجز سابقاً، وما تحرص الحكومة السورية على الاستمرار في إتمامه، يروي البرازي. عاد الأمر ليُطرَح قبل «جنيف 2» بأيام عدة، بالتعاون مع السفير المقيم للأمم المتحدة، من دون أي ربط مع مؤتمر السلام، يضيف.
وفيما قد يحاول وفد «الائتلاف» اعتبار تنفيذ الاتفاق نجاحاً له خلال أعمال المؤتمر، يؤكد محافظ حمص أن هذا الاتفاق هو الاتفاق القديم ذاته، لكن بعدما نجح فريق الأمم المتحدة في إقناع الطرف الآخر بالسماح للمدنيين بالخروج.
وإذا كان أبرز ما طالب به وفد المعارضة في «جنيف 2» هو إدخال مساعدات إلى حمص القديمة، فقد تمسكت الحكومة السورية بإخراج المدنيين فقط. وهذا ما يوضحه البرازي، «إذ سيدخل فريقا الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري لإجلاء المدنيين، وخلال دخولهما وخروجهما سيقيّمان الوضع في الداخل. وستجتمع اللجنة التي أنجزت عملية الإخلاء مع المسؤولين السوريين للوقوف على رأيها وتقديرات أعضائها لأعداد المدنيين في الداخل وحاجاتهم الأساسية». ووفقاً لذلك، سيتم إدخال المساعدات غداً السبت.
يذكر أن آخر محاولات إخراج مدنيين من حمص القديمة كانت مطلع الشهر الفائت عندما نجحت المساعي في إخراج ثلاثة مسنّين.
ميدانياً، استمر الجيش السوري في قصف بلدة الزارة وقلعة الحصن في ريف حمص، في الوقت الذي تدور فيه الاشتباكات في مختلف المحاور، لا سيّما في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حيث اندلعت معارك عنيفة في المليحة ودوما وحرستا وحي جوبر.
وذكرت مصادر عسكرية لوكالة «سانا» أنّ الجيش قصف مواقع تابعة للمسلحين في مرج السلطان والبلالية في منطقة النشابية وخان الشيح ومزارعها. وفي يبرود في القلمون، واصل الجيش عمليته العسكرية ضد تجمعات لـ«جبهة النصرة».
إلى ذلك، قال وزير العمل الفلسطيني، أحمد مجدلاني، إن وفداً من الفصائل الفلسطينية في سوريا «سيدخل إلى مخيم اليرموك للبدء بحوار الفصائل المسلحة، من أجل إخلائه من كافة المسلحين والسلاح». وأضاف مجدلاني أنّ «عملية إخلاء المخيم من المسلحين قد تأخذ وقتاً»، لافتاً إلى وجود «تفاهم مع السلطات السورية على إجراء تسوية أمنية لمن يرغب في ترك السلاح والبقاء داخل المخيم».
وفي دير الزور (شرقاً)، اشتبكت وحدات من الجيش، أمس، مع مجموعات مسلحة في أحياء العرفي والجبيلة والرشدية والعمال والحويقة ونزلة الرديسات، كما قتل 8 مسلحين من «أحرار الشام» في انفجار سيارة كانوا يعدّونها للتفخيخ في الميادين في ريف دير الزور.