صنعاء | مع تفاقم الخلافات بين «التحالف» والجناح العسكري لحزب «الإصلاح»، وتزايد المؤشرات على أن السعودية لن تعدم الأمل في تحقيق إنجاز، وجد علي محسن الأحمر وصفته لمعالجة انتكاسة جبهة نهم: هاشم الأحمر قائداً لعملية عسكرية جديدة أُطلق عليها «نصر 3». عملية مرتقبة تؤكد صنعاء أنها على جاهزية لمواجهتها، محذرة من أن ما بعد الإصرار على إفشال اتفاقات السويد ليس كما قبله.سبّب الخلاف الخليجي المندلع منذ حزيران/ يونيو 2017 أزمة ثقة بين السعودية والجناح العسكري لحزب «الإصلاح»، الذي يُعدّ أحد أبرز الأجنحة العسكرية الموالية لـ«التحالف» في محافظتَي تعز ومأرب. وفيما عزّز «الإصلاح» وجوده في تعز بعدما تمكّن من إطاحة المحافظ السابق أمين محمود، المقرّب من الإمارات أخيراً، واستبدل محافظاً آخر به هو نبيل شمسان المحسوب على الحزب، فَقَد «الإصلاحيون» السيطرة على القرار العسكري في المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب، واستُلِبت منهم قيادة جبهة نهم شرقي صنعاء، التي تمسّكوا بها طوال أربع سنوات من عمر الحرب.
وكان «الإصلاح» قد اتُّهم أواخر العام الماضي بتسليم مواقع عسكرية استراتيجية في جبهة صرواح غربي محافظة مأرب لقوات الجيش واللجان الشعبية، والوقوف وراء فشل عدد من العمليات العسكرية التي نُفّذت بتوجيهات من قِبَل «التحالف» في جبهة نهم. ومثلت تلك الاتهامات ذروة التوتر بين الجانبين، الذي تصاعد مع تعثر عمليات «التحالف» في نهم وصرواح، ومقتل أعداد كبيرة من غير منتسبي «الحزب» على هاتين الجبهتين، وفقدان مكاسب كانت قد تحققت هناك.
إلا أن الأزمة على خط «التحالف» ـــ «الإصلاح»، التي اشتدت أخيراً وتتجه نحو إقصاء الحزب تدريجاً عن أي دور عسكري، بدأت منذ عامين، بين قيادات عسكرية في الحزب، وأخرى موالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، كوزير الدفاع الحالي المعيّن من قِبَل الأخير اللواء محمد المقدشي، على خلفية صراع مصالح ونفوذ. وتطورت أيضاً إلى مقتل العديد من القيادات العسكرية من الطرفين في جبهة نهم أثناء مشاركتها في المواجهات أو «الزيارات الميدانية» للجبهات، وذلك بنيران قوات صنعاء. ويضاف إلى ما تقدم، تسريب العديد من الخطط والمعلومات العسكرية من المنطقة العسكرية الثالثة والسادسة في مدينة مأرب، قبل إقرارها وتنفيذها.
هذه الخلافات البينية وظّفتها الإمارات للنيل من خصومها في «الإصلاح»، وقد سعت أخيراً إلى حشد المزيد من القوات من المناطق الجنوبية والشرقية للمشاركة في معركة نهم، بعدما تمكّنت من إضعاف نفوذ الحزب وسيطرته على القرار العسكري في الجبهة المذكورة، وذلك من خلال إطاحة رئيس هيئة الأركان اللواء طاهر العقيلي، المقرّب من «الإصلاح». إلا أن الجنرال علي محسن الأحمر، الذي يشغل منصب نائب الرئيس، أقنع الجانب السعودي بتكليف اللواء هاشم الأحمر قائد المنطقة العسكرية السادسة، وقائد «اللواء 141» المشارك في جبهة نهم منذ اندلاعها، قيادة العملية العسكرية التي أُطلق عليها «نصر 3»، لكونه أقرب إلى الرياض، من أبو ظبي.
مصادر «أنصار الله»: الترتيبات في نهم مرصودة بدقة وستقابل بالتصعيد


مصدر عسكري رفيع في صنعاء أكد، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الترتيبات التي يجريها التحالف للتصعيد العسكري في جبهة نهم بقيادة هاشم الأحمر، مرصودة بدقة وستقابل بالتصعيد»، مضيفاً أن «قوات الجيش واللجان الشعبية على استعداد لكافة عمليات تحالف العدوان العسكرية المعلنة وغير المعلنة في نهم وعسير وجيزان ونجران وحجة والحديدة». وتوعد المصدر «التحالف بهزيمة قاسية في نهم في حال التصعيد مجدداً».
وكشف قيام السعودية «بنقل المئات من العناصر الإرهابيين والمتطرفين من سوريا، عبر إحدى الدول العربية (لم يسمها)، بتكلفة إجمالية قاربت 100 مليون دولار، إلى مطار سيئون جنوبي البلاد، والدفع بتلك العناصر إلى جبهات كتاف»، كما سبق أن «دفعت بالمئات من العناصر التكفيريين من تنظيمَي داعش والقاعدة إلى معسكرات في مناطق غير خاضعة لسيطرة قوات الجيش واللجان الشعبية في البيضاء». ورأى أن «هناك تحالفاً غير معلن بين القاعدة والإصلاح في صرواح، التي قُتل فيها عدد من كبار قيادات القاعدة خلال الربع الأخير من العام الماضي أثناء مشاركتهم في المواجهات»، موضحاً أن «مهاجمة الطيران الأميركي بدون طيار لعناصر القاعدة المتحالفين مع الإصلاح في البيضاء ومأرب، من دون مهاجمة معسكرات داعش التي تميل إلى الإمارات، قد يضع قيادات حزب الإصلاح في دائرة الاستهداف مستقبلاً».
وكان وزير الدفاع في حكومة «الإنقاذ»، اللواء محمد العاطفي، قد أكد خلال اجتماع لمجلس الدفاع الوطني في صنعاء الأسبوع الماضي، أن موقع القوات المشتركة «قوي وأكثر قدرة ومرونة من أي وقت مضى للانتقال من موقع الدفاع إلى الهجوم»، واعداً بأن «المفاجآت العسكرية التي ستعلنها صنعاء في العام الخامس من العدوان والحصار ستغيّر مجرى المواجهات العسكرية كلياً». وفي أعقاب ذلك، سُجّلت عدة مواقف لـ«أنصار الله» صبّت جميعها في التأكيد أن ما بعد اتفاق السويد، في حال إصرار «التحالف» على إفشاله، ليس كما قبله. إذ أشار عضو المكتب السياسي للحركة، حسين العزي، إلى أن «أنصار الله لم تستخدم أقسى الخيارات وأشدّها وجعاً وأكثرها رعباً وقلقاً، وقد جرى تجنب تلك الخيارات حرصاً على إبقاء باب السلام مفتوحاً». وأضاف العزي أن «أنصار الله ستدفع الثمن نسبياً، لكنها ستستخدمه لأنها حينها ستكون أمام عدو أهدر كل الفرص وفشل في كل اختبارات السلام».
وجزم رئيس «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، من جهته، أن «ما بعد اتفاق السويد وإهدار فرص السلام أقوى وأشد على الغزاة ومرتزقتهم»، فيما قال المتحدث باسم الجيش واللجان، العميد يحيى سريع، إن «مسار المواجهات خلال المرحلة القادمة سيشهد تحولاً مهماً ودقيقاً في تاريخ المعركة مع العدو». وبالتزامن مع تلك الرسائل، أقرّ مجلس الدفاع الوطني تسخير كافة الإمكانات للجيش واللجان، وتوعّد بـ«تطهير كل أرجاء اليمن من الغزاة والمعتدين».