تتواصل عمليات «التحالف الدولي» في أقصى الشرق السوري لحسم مصير «جيب داعش الأخير»، عبر حملات قصف متكررة وقنوات تفاوض تتيح خروج مدنيين وعناصر في التنظيم من حين لآخر، من دون أفق واضح للوقت الذي سيتطلّبه إتمام تلك العمليات. ورغم الحصار المفروض على مناطق «داعش» والقصف المستمر من طائرات «التحالف»، فإن التنظيم مستمر في القتال على بعض المحاور؛ إذ شهد أول من أمس تفجير سيارة مفخخة يقودها انتحاري، فيما نشر «داعش» أمس تسجيلات للمعارك التي دارت على جبهة الباغوز مع «قوات سوريا الديموقراطية». ويوحي نشاط التنظيم العسكري والإعلامي أنه مستعد لمعارك أطول في محيط الباغوز، وهو ما يتساوق مع ما نقلته وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم «التحالف» شون رايان، الذي قال رداً على سؤال عن الجدول الزمني المتوقع لهزيمة التنظيم، إن «العدو متحصن بالكامل، ويواصل مقاتلو داعش شنّ هجمات مضادة»، موضحاً أن «من السابق لأوانه تحديد إطار زمني» لإنهاء العمليات هناك.وتزامناً مع «عدم يقين» قوات «التحالف» حول الموعد المفترض لإنهاء نفوذ «داعش» في شرق سوريا، شهد العراق زيارات لافتة خلال الأيام القليلة الماضية، كانت أبرزها زيارة وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، ونظيرها الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان. وزارت بارلي مواقع قوات بلادها شمالي مدينة القائم العراقية، حيث تتمركز قطع مدفعية تساند العمليات الجارية في الجانب السوري. هذا النشاط العسكري المكثّف جاء ليواكب التحديات التي تنتظر أعضاء «التحالف» وحلفاءه على الأرض، عقب الانسحاب الأميركي المفترض. ويحضر ملفّا أمن مناطق «قوات سوريا الديموقراطية»، ومصير العناصر الأجانب وعوائلهم في تنظيم «داعش»، على رأس اهتمامات هذه اللقاءات. وتزيد حساسية تلك التحديات مع طول مدة الانتظار قبل إعلان تفاهمات تركية ـــ أميركية بشأن منبج وشرقي الفرات، بما يتضمن مخاوف تتعلق بأمن قوات «التحالف» من عمليات تشابه ما جرى في منبج ضد دورية أميركية. وشهدت مدينة الرقة، أول من أمس، انفجاراً في منطقة قريبة لأحد مواقع تمركز القوات الفرنسية على أطراف المدينة الشمالية الشرقية، فيما لم ترد أي معلومات رسمية أو غير رسمية، تكشف الموقع المستهدف بدقة.
جرى تبادل محتجزين ومختطفين في محيط الباب وفق إطار «أستانا»


وسيكون مصير منطقة شرقيّ الفرات، كما منبج، حاضراً في اجتماعين مهمين في كلّ من سوتشي وبروكسل؛ فبينما ينعقد اليوم (لمدة يومين) اجتماع لوزراء دفاع الدول الأعضاء في «حلف شماليّ الأطلسي» في العاصمة البلجيكية، تنطلق غداً قمة سوتشي بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، ضمن صيغة «أستانا». وبعد لقاء لافت في أنقرة بين وزيرَي الدفاع، الروسي سيرغي شويغو، والتركي خلوصي أكار، يلتقي الأخير نظيره الأميركي شاناهان، اليوم على هامش قمة «الأطلسي». ويأتي هذا اللقاء بعد ترحيب الأمين العام لـ«الأطلسي» يانس ستولتنبرغ، بالتعاون بين تركيا والولايات المتحدة في شماليّ سوريا. وبعد جولة طويلة في الولايات المتحدة، وصلت «رئيسة الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديموقراطية» إلهام أحمد، إلى العاصمة الفرنسية باريس، ويفترض أن تلتقي مع عدد من المسؤولين الفرنسيين، لبحث مصير مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية».
وبينما كان منتظراً أن يُعلن أمس وصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إلى موسكو، لمتابعة تحضيرات اجتماع سوتشي المرتقب، وخاصة ملفي إدلب و«اللجنة الدستورية»، لم يخرج أي تأكيد رسمي ـــ حتى ليل أمس ـــ للزيارة التي سبق أن كشفت عنها وزارة الخارجية الروسية. وبالتوازي، استكمل المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، لقاءاته الموسّعة مع الأطراف المعنية بالملف السوري، باجتماعه مع وزير الخارجية الألماني هيكو ماس. وبينما أكد الأخير أن بلاده ترى أن «تكوين لجنة دستورية متوازنة وشاملة، شرط أساسي لنجاحها»، قال بيدرسن إن «بداية عمل اللجنة الدستورية ستؤدي دوراً رئيساً في دفع العملية السياسية»، مضيفاً أنه «لا تزال هناك بعض القضايا التي يجب حلها». وفي خطوة تندرج ضمن إطار تفاهمات «أستانا»، جرت أمس عملية تبادل محتجزين ومختطفين بين السلطات الحكومية والفصائل التي تديرها أنقرة في محيط مدينة الباب في ريف حلب الشمالي. وخرج ما يقارب العشرين من كل طرف إلى مناطق سيطرة الآخر، بمساعدة من منظمة «الهلال الأحمر العربي السوري».