نجح الجيش السوري بالتعاون مع «الدفاع الوطني» بوقف تمدّد تنظيم «داعش»، في هجوم هو الأعنف على مناطق سيطرته في مدينة دير الزور، ليبدأ هجوماً عكسياً لاستعادة المواقع التي خسرها في المدينة وريفها. هجمات الجيش، ليل السبت وفجر الأحد، مكّنته من استعادة فندق فرات الشام، وتلة الرصد، وتلتي الإذاعة والرواد، والنقطة رقم 12، ومعسكر الصاعقة، وأجزاء من مستودعات الذخيرة في قرية عياش، فيما لا تزال تدور اشتباكات عنيفة في مستودعات المحروقات، وأطراف قرية البغيلية، في وقت شنّ فيه التنظيم ليل أمس هجمات على مواقع الجيش في الحويقة والرشدية والجبيلة والموظفين، بهدف التشويش على تقدمه في البغيلية وعياش. الطائرات السورية والروسيّة نفّذت غارات عدة على مواقع التنظيم في قرى الريفين الغربي والشرقي وألحقت خسائر كبيرة بصفوف التنظيم.
وترافقت هجمات التنظيم على مواقع الجيش، مع ارتكابه مجزرة بحق أكثر من 300 من أهالي قرية البغيلية، وذلك بعد أن اختطف أكثر من 400 منهم، معظمهم من النساء والأطفال، ونقلهم عبر زوارق عبر الفرات باتجاه مناطق سيطرته في قرية الحصان، ليعدم 300 منهم، 32 منهم عناصر من الجيش والدفاع الوطني، وما بقي من المدنيين، بتهمة انتماء أبنائهم إلى الجيش و«الدفاع »، وكذلك من بين الضحايا، عدد من التجار الذين كانوا يهرّبون الطعام إلى الأحياء المحاصرة في المدينة، كذلك لا يزال مصير أكثر من مئة من أهالي القرية غير معروف.
عشرات الانتحاريين مهدوا لهجوم التنظيم الإرهابي

المعارك في دير الزور كان قد بدأها التنظيم فجر السبت بمباغتة مواقع الجيش في البغيلية على نهر الفرات بهجوم عنيف، استخدم فيه عدداً من الانتحاريين، بعد عبورهم النهر من قريتي الحسينية والحصان، مع تمهيد ناري بالمدفعية الثقيلة والهاون. الهجمات بدأها التنظيم بتفجير ستة «انغماسيين» لأنفسهم عند معبر البغيلية مهدوا خلالها لعناصر آخرين، استغلوا الثغرة ونجحوا بالوصول إلى مواقع الجيش عند فندق فرات الشام المشرف على معظم الأحياء الغربية، وبعد تفجير عدد آخر من الانتحاريين لأنفسهم، سيطر التنظيم على الفندق وتلة وجمعية الرواد، بالتزامن مع شنّ هجمات عنيفة على مستودعات عياش بعد تفجير سيارتين مفخختين عند مدخل المستودعات، و«تركس» مفخخ في العرفي، بالتزامن مع هجمات على مواقع الجيش في حي الموظفين، واللواء 137، وجبل الثردة وتلة كروم في محيط المطار، وطريق حقل التيم، دون تحقيق أي تقدم. مصدر ميداني أكد لـ«الأخبار» أن «تقدم التنظيم يعود لنجاحه، باستخدام أسلوب المباغتة، من خلال دفعه أكثر من أربعين انغماسياً فجروا أنفسهم بالإضافة إلى تفجير عدد من الآليات الثقيلة المفخخة، لكن سرعة استيعاب الجيش للهجمات، مكّنته من التحوّل للهجوم فوراً، مستفيداً من الغطاء الجوي والمدفعي». وأضاف المصدر أنّ «الهجوم كان متوقعاً من جهتي المطار وحي الصناعة، وهي المرة الأولى التي يشن فيها هجوم بهذا الحجم على البغيلية، مع ذلك نجح الجيش بسدّ عدد كبير من الاختراقات». بدوره، قال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إنّ «معنويات عناصر الجيش مرتفعة، ويمتلك القدرة البشرية والتسليحية الكافية للدفاع عن مواقعه في المدينة»، مؤكداً «أن العمليات العسكرية في المدينة تسير بنحو متسارع، وبمؤازرة فاعلة من سلاح الجو، ولن تنتهي إلا باستعادة كافة النقاط التي خسرها الجيش».
ويبدو واضحاً أن التنظيم يسعى إلى السيطرة على كامل المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش في دير الزور لبسط سيطرته على كامل جغرافية المحافظة، لتحويلها إلى معقل رئيسي وعاصمة له في سوريا، وذلك بعد إدراك قياداته أن الخطر كبير على معقله في الرقة، إثر اقتراب كل من الجيش و«قوات سورية الديمقراطية» منها، ولتأكيد قدرته على تحقيق التقدّم رغم الغارات الروسيّة. الهجمات تزامنت، مع سيل من الشائعات طاولت المدينة، بهدف كسر معنويات المدنيين في مناطق سيطرة الجيش. محافظ دير الزور، محمد قدور العينية، أكد لـ«الأخبار» أن «الجيش نجح باستعادة معظم أجزاء قرية البغيلية، ومستودعات عياش، وفي طريقه لاستعادة كافة النقاط التي خسرها»، وأضاف أنّ الحياة في الأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش شبه طبيعية، وأن دوائر الدولة تابعت تقديم خدماتها اعتيادياً». بدوره، قال رئيس جامعة الفرات، علي العلي، في تصريح لـ«الأخبار» إنّ «خمسة آلاف طالب جامعي، من 14 كليّة، تقدموا لامتحاناتهم في كليات الجامعة ومعاهدها، في مبنيي كليتي الآداب والزراعة، دون أي مشاكل تذكر».