الجزائر | أعلن رئيس الحكومة السابق، علي بن فليس، الذي سبق له أن واجه الرئيس بوتفليقة في رئاسيات عامي 2004 و2014، استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية. وأشار بن فليس، في بيان أمس، إلى أنه وجّه رسالة إلى وزير الداخلية، بعد الاطلاع على مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة، «يُعلمه فيه بإبداء النية على تكوين ملف الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية»، مضيفاً إنه يستعد لهذه الانتخابات، لكنه سيخضع في النهاية لقرار اللجنة المركزية في حزبه، والتي ستفصل في موضوع المشاركة من عدمه.ويُعتبر بن فليس من أهم المرشحين الذين بإمكانهم فعلاً منافسة ما يُصطلح عليه في الجزائر بـ«مرشح النظام»، نظراً إلى خبرته الطويلة في مجال التسيير، حيث شغل في سنوات التسعينيات حقائب وزارية عدة، ثم برز نجمه مع مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم سنة 1999، حين كان مدير حملته الانتخابية، ثم مدير ديوانه الرئاسي، ثم رئيساً لحكومته، قبل أن يحدث الطلاق بين الرجلين سنة 2003، ويقرر بن فليس مواجهة الرئيس بوتفليقة في انتخابات 2004، مدعوماً بشكل واضح من جناح في الجيش. لكن بن فليس خسر تلك الانتخابات، وتوارى عن الأنظار لمدة طويلة ملازماً بيته، إلى أن عاد في انتخابات 2014، التي نافس فيها بوتفليقة مرة أخرى، وانهزم أمامه للمرة الثانية، في انتخابات وصفَ نتائجها بالمزورة.
يحظى بن فليس بثقل واسع داخل المعارضة الجزائرية، حيث سبق للعديد من الأحزاب أن دعمته في الرئاسيات الماضية، كما أن له امتدادات داخل أجهزة الدولة من الإطارات التي بقيت وفية له في صمت. وظهر بعد تأسيسه حزبه «طلائع الحريات»، أن كثيراً من التكنوقراط والدبلوماسيين، الذين كانوا يشغلون مناصب سامية في الدولة، التحقوا بحزبه، على غرار وزير الخارجية السابق أحمد عطاف، والسفير السابق عبد العزيز رحابي، والضابط المتقاعد أحمد عظيمي، وغيرهم. ويحمل بن فليس نظرة ليبرالية للاقتصاد، كما أنه سياسي يُحسب على التيار الوطني، ويأخذ مسافة متساوية من باقي التيارات الديموقراطية والإسلامية. ويُحاول الرجل في منهجه المعارض التركيز على أخطاء حكومات الرئيس بوتفليقة، بينما يتجنب تماماً الخوض في انتقاد باقي مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش، الذي تتهمه بعض القوى المعارضة بالتدخل في القرارات السياسية.
التحضير للرئاسيات داخل حزب «طلائع الحريات» بدأ منذ سنة وكان يتم في صمت


الناطق باسم حزب «طلائع الحريات»، الذي يقوده بن فليس، يقول إن التحضير للرئاسيات داخل الحزب بدأ منذ سنة، وكان يتم في صمت. وأكد أحمد عظيمي، في حديث إلى «الأخبار»، أن الحزب يحضر لدخول الانتخابات وكأنها ستجرى غداً، لكنه لم يفصل بعد في موضوع المشاركة التي ستتحدد بناءً على مجموعة من المعطيات إن توفرت، فسيكون علي بن فليس وقتها جاهزاً لخوض غمار المنافسة. ورأى عظيمي أن المشهد تُخيم عليه ضبابية كبيرة، سببها عدم توضيح الرئيس الحالي إن كان سيترشح لولاية رئاسية خامسة أو لا. وأضاف إنه إذا ترشح الرئيس بوتفليقة، فإن قيادة الحزب ستعمل على إقناع «مناضليه» بأنه لا فائدة من الترشح، لكنها ستلتزم في النهاية بقرارهم. وحول ما إذا كان يرى وجود فرصة لإجراء انتخابات نزيهة هذه المرة، اعتبر عظيمي أنه إذا لم يترشح بوتفليقة فستكون هناك ضمانة بنزاهة الانتخابات بـ 30 بالمئة على الأقل. وإذا تم اختيار مرشح آخر للنظام عدا بوتفليقة، فمن الممكن هزمه في الحملة الانتخابية نظراً الى عدم وجود شخصيات قوية في الساحة من رموز النظام تحظى بثقة الجزائريين.
ونفى عظيمي لـ«الأخبار» إمكانية أن تدعم باقي أحزاب المعارضة علي بن فليس، بصفته الأكثر ثقلاً في الساحة. وقال إن من المستحيل أن تجتمع المعارضة باتجاهاتها المختلفة اليسارية والإسلامية والوطنية على اسم واحد. واتضحت هذه الفكرة أكثر بعد إبداء رئيس حركة «مجتمع السلم»، ذات التوجه الإسلامي، عبد الرزاق مقري، رغبته في الترشح للرئاسيات أمس، مشيراً إلى أنه يحمل مشروعاً للجزائر بإمكانه إخراجها من الأزمة. كما توالى إعلان نية الترشح من شخصيات أخرى، على غرار اللواء المتقاعد علي غديري، الذي صدرت في حقه بيانات قيادة الجيش الغاضبة من تدخله في الشأن السياسي، والذي أعلن رسمياً أمس دخوله السباق الرئاسي، بهدف إقامة مشروع جمهورية جديدة. كذلك، أعلن، أمس، السياسي المثير للجدل، رشيد نكاز، الذي عرف بنشاطه في فرنسا، الترشح للرئاسيات.
وعلى ضفة الموالاة، يسود ترقب كبير لقرار الرئيس بوتفليقة، في ظل استمرار الدعوات له بالترشح لولاية خامسة. وناشد حزب الأغلبية، «جبهة التحرير الوطني»، بوتفليقة مرة أخرى «مواصلة ممارسة مهامه من أجل جزائر موحدة ومستقلة ومتصالحة». كما دعا حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، على لسان أمينه العام والوزير الأول أحمد أويحيى، الرئيس بوتفليقة، إلى مواصلة مسيرته في قيادة البلاد. وهي الدعوة ذاتها التي أطلقها حزب «تجمع أمل الجزائر»، الذي يقوده الوزير الإسلامي السابق عمار غول. وتُرجح شخصيات سياسية أن يعلن الرئيس، الذي يعاني متاعب صحية كبيرة، قراره النهائي مع نهاية الشهر المقبل.