غزة | رغم الجمود الذي يسود العلاقة بين حركة «حماس» ومصر جراء انسحاب موظفي السلطة الفلسطينية من معبر رفح، بين قطاع غزة وسيناء، وبقائه مغلقاً باتجاه المغادرين، لم تترك «حماس» فرصة تقديم المساعدة الإنسانية إلى عدد من الصيادين المصريين الذين تحطم قاربهم قبالة شاطئ الوسطى، في بادرة حسن نية، جراء العلاقة الحذرة بين الطرفين.وكما أعلن المتحدث باسم الداخلية في غزة، إياد البزم، أنقذ جهاز «الشرطة البحرية» ستة صيادين مصريين بعدما قذفت الرياح والأمواج العاتية قاربهم فجر أمس صوب القطاع، لافتاً إلى أنه قُدّم العلاج اللازم لهم كما عُمل على رعايتهم. وبخلاف تعامل السلطات المصرية مع الصيادين الفلسطينيين، الذين يتجاوزون الحدود البحرية خطأً ويطلق الرصاص عليهم أو يعتقلون، استضافت «الداخلية» الصيادين في منزل قائد القوى الأمنية في غزة، اللواء توفيق أبو نعيم، كما قدمت قيادة «حماس» ونواب «المجلس التشريعي» ملابس ووجبات طعام إليهم، ثم تم تسليمهم للسلطات المصرية عبر معبر رفح الذي فتح استثنائياً لخروج الصيادين.
وفي العام الماضي، أعلن مقتل صيادين فلسطينيين اثنين على الأقل على أيدي القوات المصرية، آخرهم قبل شهرين. لكنّ مصدراً في الحركة قال لـ«الأخبار» إنهم يرون الحادثة واجباً إنسانياً بالضرورة، لكن تصديرها إلى الإعلام بهذه الطريقة هدفه تقديم «بادرة حسن نية تجاه القاهرة، ومطالبة ضمنية بضرورة تعامل المصريين مع الصيادين الفلسطينيين بالطريقة نفسها على الأقل. يقول المصدر: «خاطر أفراد القوات البحرية في دخول البحر تجاه الصيادين، رغم ارتفاع الأمواج وخطورتها، وانتشلوا الصيادين الذي تحطم قاربهم كلياً... نواصل البحث عن صياد سابع ما زال مفقوداً في بحر غزة». ويضيف: «الاتصالات المصرية ـــ الحمساوية متواصلة لتحسين العلاقة، بخلاف ما تروّجه بعض وسائل الإعلام القطرية»، في إشارة إلى ما نقلته صحف ومواقع عن مصادر ذكرت أن القاهرة لن تفتح المعبر إلا بوجود السلطة.
«نتمنى أن يتعامل الجيش المصري بالمثل مع الصيادين الفلسطينيين»


ما قاله المصدر يتطابق مع تصريحات القيادي في «حماس» طاهر النونو، الذي يشغل حالياً منصب ممثل الحركة في القاهرة، إذ أكد أن «العلاقة الثنائية... تتطور وتتعزّز، وهناك وفد من قيادة الحركة سيزور القاهرة قريباً، كما ستتواصل زيارات الوفد الأمني المصري إلى غزة». وتابع النونو في تصريح صحافي: «معبر رفح يعمل في المرحلة الحالية للقادمين فقط، ولكن قريباً جداً سيعمل في الاتجاهين». في الوقت نفسه، أفاد المصدر «الحمساوي» بأن وفداً من الحركة من المقرر أن يزور القاهرة الأسبوع المقبل للتباحث في وضع المعبر «جراء وعود مصرية بتدارس مقترحات فتح المعبر في ظل استمرار رفض السلطة العودة لإدارته».
في شأن متصل، استمرت خلال الأيام الثلاثة الماضية الاتصالات المصرية والقطرية والدولية مع «حماس» لتثبيت التهدئة، في وقت نفى فيه جميع الوسطاء وجود قرار إسرائيلي بوقف إدخال المنحة القطرية إلى غزة. كما نقل القطريون «وعوداً إسرائيلية إيجابية» بالسماح بدخول الدفعة الثالثة من المنحة خلال أيام، ما دام الهدوء مستمراً، وذلك على خلاف ما تذيعه وسائل إعلام عبرية غير رسمية، وهو التأكيد الذي نقله الوفد المصري، يضيف المصدر نفسه.
وعلى مدى أربعة أيام، سُجّلت حالة هدوء في قطاع غزة، إذ خلت الحدود من أي تصعيد أو فعاليات لـ«مسيرات العودة»، الأمر الذي يندرج ضمن «الفرصة الأخيرة» التي نقلتها الفصائل عبر الوسطاء مطلع الأسبوع الماضي، وهو ما علقت عليه صحيفة «هآرتس» العبرية بالقول إن إسرائيل «ستحسم أمر تحويل المنحة القطرية وفق طبيعة تظاهرات اليوم (الجمعة) بعد أيام من الهدوء النسبي».
إلى ذلك، وفي الوقت التي حذرت فيه الخارجية الروسية مواطنيها من السفر إلى غزة «بسبب تدهور الأوضاع الأمنية»، هاتف رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، لأول مرة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ليبحثا «التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات السياسية»، وفق بيان رسمي. وكانت «داخلية غزة» قد عقبت على التحذير بالقول أمس إن «الحالة الأمنية مستقرة وهادئة... يومياً تدخل وفود أجنبية من مختلف الجنسيات (من حاجز بيت حانون) ولا تغير على هذا الأمر».