تستمر التظاهرات المندلعة في السودان، منذ ما يقارب الشهر، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، والمطالبة بإسقاط النظام، ومحاسبة الفاسدين. وفي ثالث أيام أسبوع «انتفاضة المدن والقرى والأحياء» في عموم البلاد، الذي دعا إليه «تجمع المهنيين السودانيين»، وقوى المعارضة، من «نداء السودان»، و«الإجماع الوطني» و«التجمع الاتحادي»، منذ الأحد الماضي، لبت تظاهرات في ولاية الخرطوم، أمس، دعوة «التجمع» لتنظيم تظاهرات مسائية، في منطقتي الكلاكلة في العاصمة، والثورة في مدينة أم درمان، الواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل. كما أعلن «التجمع» أنه سيدعو إلى مزيد من التظاهرات المسائية وللاحتشاد في موكب سينطلق نحو القصر الرئاسي، يوم الخميس، بالتزامن مع مواكب مماثلة في عدد من المدن. وفي أول تظاهرة مسائية منذ اندلاع الاحتجاجات، انطلق المحتجون، أمس، من سوق اللفة، في منطقة الكلاكلة، بالتزامن مع تظاهرة أخرى، انطلقت من محطة صابرين، في منطقة الثورة، على رغم الانتشار الأمني الكثيف. وفيما كان المحتجون يهتفون شعارات تنادي بالحرية والثورة ضد الفاسدين، كـ«سلمية سلمية ضد الحرامية»، و«حرية وسلام وعدالة» و«الثورة خيار الشعب»، أطلقت الشرطة، الغاز المسيل للدموع على الحشد لتفريقهم، عند وصولهم للشارع الرئيسي الذي يتوسط ضاحية الكلاكلة، من دون حديث عن إصابات.
تولت قطر تقديم منح مالية أما الإمارات وفّرت احتياجات البلاد من الوقود

وفيما يُظهر منظمو التظاهرات عزماً على الاستمرار حتى تحقيق مطالبهم، ومن بينها إسقاط النظام، يبدو البشير أكثر تشبثاً بالسلطة، مستنداً إلى دعم دول الخليج، على اختلاف توجهاتها، إضافة إلى مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، التي شكرها لإرسالها وفوداً للاطمئنان على الأوضاع في البلاد، في خطابه، أول من أمس، أمام أنصاره من مدينة نيالا، في ولاية جنوب دارفور، الذي امتدت إليه موجة الاحتجاجات للمرة الأولى. وفيما يحمل البشير واشنطن، التي فرضت عقوبات اقتصادية وتجارية على البلاد منذ عام 1997، لم ترفعها إلا في عام 2017، مسؤولية الأزمة الاقتصادية، أكد البشير أن الحشد المؤيد له «يرسل رسالة إلى العالم الخارجي، أن السودان محروس بأهله»، معلناً دعم دولة الإمارات له في توفير كامل احتياجات البلاد من الوقود، إحدى الأزمات الثلاث، التي كانت سبباً مباشراً في اندلاع الاحتجاجات، إلى جانب الخبز والسيولة، معتبراً أن الشعارات التي تم رفعها في التظاهرات هي «شعارات دول الربيع العربي»، مؤكداً أن «هناك من يتمنون عدم الاستقرار والأمن» للبلاد، علماً أن الدعم الإماراتي، جاء بعدما قدّمت قطر منحة عاجلة لحل الأزمة الاقتصادية، عبارة عن مليار دولار، بحسب ما كشفت صحيفة «السوداني»، بعد يوم من تلقي البشير، اتصالاً هاتفياً، من أمير البلاد، تميم بن حمد آل ثاني، للاطمئنان على الأوضاع، في رابع يوم من الاحتجاجات، بالتزامن مع تأكيد البحرين، تضامنها ووقوفها إلى جانب السودان، معربة عن تقديرها لـ«الجهود المبذولة من السودان وقيادته، من أجل تعزيز الأمن والسلم والتنمية، وتوفير كل سبل التقدم والرخاء والازدهار للشعب السوداني»، إذ كان البشير قد ذكر الدول الخليجية الثلاث، إلى جانب الكويت والصين وروسيا، في خطاب أمام مناصريه في الساحة الخضراء، وسط الخرطوم، قبل أسبوعين، من دون أن يذكر السعودية، حليفته الأبرز، التي أرسل آلاف الجنود السودانيين، لدعمها في العدوان على اليمن.