فجأة ومن دون سابق إنذار، اندلع التوتر بين «تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، بعدما نشرت قناة «الفرات»، التابعة لـ«الحكمة»، خبراً مفاده «إلقاء القبض على قاتل صاحب مطعم ليمونة في مدينة الصدر، وبحوزته بطاقات تثبت انتماءه للعصائب»، وتزامن ذلك مع عرض تسجيلات مصورة لما قيل إنها تهديدات وجّهها أحد المنتسبين لـ«العصائب» إلى أستاذ جامعي في مدينة البصرة الجنوبية. وعلى رغم نفي وزارة الداخلية العراقية، في بيان مقتضب، إلقاء قواتها القبض على قاتلي صاحب «مطعم ليمونة»، إلا أن خبر «الفرات» كان كفيلاً بتفجير غضب دفين بين الطرفين. أزمة مستجدة سرعان ما دخل على خطّها رئيس الجمهورية، برهم صالح، الذي استطاع «وقف إطلاق البيانات»، وتثبيت هدوء إعلامي، مع إعلان القيادي في «تيار الحكمة»، صلاح العرباوي، أن «الأمور تتجه للحل... العقلاء أكبر من المشاكل»، في وقت تسود فيه الخشية من انتقال المواجهة إلى الشارع، في ظل رفض القيادتين سحب دعوات التجمهر والتجمع في المكان والتوقيت عينه.
ودعت «العصائب» أنصارها إلى التظاهر اليوم عند الساعة الثالثة، أمام مقر «الحكمة»، في منطقة الجادرية، وذلك لـ«وقف هجمات قناة الفرات اتجاه الحشد والمرجعية الدينية، ومحاربة استغلال أملاك الدولة للمصالح الشخصية منذ عام 2003، ولغاية اليوم»، في حين دعا «الحكمة»، على لسان عضو مكتبه التنفيذي أحمد الساعدي، إلى الانطلاق في «تظاهرة حاشدة في ساحة الحسنين في بغداد، تشارك فيها قوى شعبية من أطياف مختلفة، للدفاع عن قدسية الحشد، والتنديد باستغلال اسمه للتغطية على جرائم الاغتيال والسرقة».
استطاع برهم صالح «وقف إطلاق البيانات» وتثبيت هدوء إعلامي


هذه الاتهامات، التي تعيد تسليط الضوء على الهوة العميقة بين الحزبين، يسود الترقب لانعكاساتها المحتملة على المشهد السياسي، في ظلّ الخلاف المتواصل بين تحالف «البناء» الذي تنضوي في إطاره «العصائب»، وبين تحالف «الإصلاح» الذي يمثل «الحكمة» جزءاً منه. وفي انتظار اتضاح موقف التحالفين اللذين لزما ـــ حتى مساء أمس ـــ الصمت إزاء تعارك حليفيهما، يبدو أن ثمة قلقاً من أن يضع هذا الخلاف عقبة جديدة أمام مسار إتمام تشكيل الحكومة المتعثر أصلاً، وعجز رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن التقدم فيه. كذلك، تعيد «حرب البيانات» إحياء الكثير من التوصيفات المتضادة، من قبيل الاتهام المُوجّه إلى «العصائب» بانتهاج «سلوكيات منافية لأداء الفصيل المقاوم»، وفي المقابل وسم «الحكمة» بـ«الإغراق في بث الإشاعات، ومحاولة إحداث البلبلة»، في ظلّ حديث متجدد عن تلقي وسائل الإعلام التابعة للتيار مساعدات مالية بملايين الدولارات من السعودية.