من خارج الجدول الذي كان مُعلَناً لجولته الشرق ـــ أوسطية، وفي زيارة طارئة لا تخلو من دلالات، حلّ وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في العاصمة العراقية بغداد، قبل أن يتوجّه إلى أربيل عاصمة «إقليم كردستان». في بغداد، التقى بومبيو رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إضافة إلى وزير الخارجية محمد علي الحكيم. وجدد بومبيو، خلال لقاءاته، التزام بلاده «محاربة داعش»، مشدداً على ضرورة «استمرار التعاون بين البلدين لضمان أن تكون هزيمة تنظيم داعش دائمة في كل المنطقة». وتطرّق إلى مسألة الانسحاب الأميركي من الشرق السوري، قائلاً إن «بلاده عازمة على تنفيذ هذا القرار بنحو تدريجي ومنظّم، بالتعاون والتنسيق مع العراق».وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر رئاسة الوزراء، في حديث إلى «الأخبار»، أن الضيف الأميركي «أكد أهمية التعاون مع بغداد في إطار تنسيق خطة الانسحاب من سوريا»، على اعتبار أن «من المهم بذل كل ما في وسعنا للتأكد من سلامة الذين قاتلوا معنا (إلى جانب الأميركيين)»، فيما شدد الجانب العراقي على ضرورة «احترام السيادة السورية»، معلناً رفضه استهداف سوريا من داخل الأراضي العراقية. وإذ أشارت المصادر إلى أن الجانبين لم يتطرقا إلى هوية القوى التي ستحلّ محلّ الأميركيين في منطقة انسحابهم، لفتت إلى أن عبد المهدي أشاد أمام بومبيو بـ«التنسيق العراقي ـــ السوري»، قائلاً إن «من الممكن أن نوجّه ضرباتنا إلى داعش داخل الأراضي السورية، أو من وراء الحدود».
وعلى صعيد العقوبات على إيران، نقلت «وكالة الأناضول» عن مصدر سياسي مقرب من رئاسة الجمهورية قوله إن «القادة العراقيين طلبوا من بومبيو مجدداً استثناء العراق من العقوبات المفروضة على إيران، فيما أبدى المسؤول الأميركي تخوف بلاده من ازدياد النفوذ الإيراني في المنطقة، داعياً إلى «الاستمرار في خطوات تحقيق استقلال البلاد في مجال الطاقة». وهي دعوة تردّ عليها مصادر مقرّبة من عبد المهدي بالقول إن «موقفنا واضح، نحن نتعاون مع إيران ومع مختلف دول الجوار على أساس تبادل المصالح فيما بيننا، ومن ضمنها الغاز والكهرباء». وتضيف المصادر أن عبد المهدي يرفض الضغوط الأميركية الداعية إلى «فكّ التعاون» مع طهران في مجال الطاقة، وهو شدد أمام ضيفه على أن «إيران جارة مهمة وتساعد العراق في مختلف المجالات».
أما في أربيل، فقد التقى بومبيو زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود برزاني، إضافة إلى رئيس حكومة «الإقليم» نيجرفان برزاني، ومستشار «مجلس أمن الإقليم» مسرور برزاني. وبحث بومبيو مع زعيم الحزب الأوضاع السياسية في العراق والمنطقة، والعلاقات بين «الإقليم» وبغداد، والحرب على الإرهاب. وأشار بيان صادر عن برزاني إلى أن الأخير شدّد على «إيمان الإقليم بالحوار، وضرورة اللجوء إلى الطرق السلمية في حل المشكلات مع بغداد». وعن تطورات الساحة السورية، أعرب برزاني عن قلقه على «مصير الشعب الكردي» هناك، داعياً إلى أن «لا تكون التغييرات والتطورات الجديدة سبباً في آلام وخسائر» للأكراد. أما مسرور برزاني، فقد اقترح على بومبيو «إنشاء مذكرة تفاهم جديدة خاصة بمرحلة ما بعد داعش بين الطرفين»، وفق ما جاء في بيان صادر عنه، على أن تلحظ «التركيز على الإصلاح الأمني والاقتصادي، الذي يتماشى مع الاتفاق الاستراتيجي الأميركي ــــ العراقي».