بعدما قرر الرئيس السوداني، عمر البشير، مواجهة الاحتجاجات المستمرة منذ 20 يوماً، بحشد مؤيديه إلى الشارع، بعد فشل القبضة الأمنية والاعتقالات في إخماد التظاهرات، تستعد ولاية الخرطوم، اليوم، لتجمعين، أحدهما للمطالبة برحيل البشير، والثاني لتأييده. ففي مواجهة الاحتجاجات، المقرر أن تتجه إلى البرلمان، في مدينة أم درمان، الواقعة قبالة العاصمة على الضفة الغربية لنهر النيل، اليوم، للمطالبة بتنحي البشير والحكومة، بدعوة من «تجمع المهنيين السودانيين»، قررت قوى سياسية متحالفة مع حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، تنظيم مسيرة مؤيدة للبشير بعنوان «سلام السودان»، في الخرطوم، بالتزامن مع الأولى، من المقرر أن يخاطبها البشير، وعدد من القيادات السياسية.وضمن الاحتجاجات المستمرة على تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار، خرج الآلاف، أمس، في تظاهرة بعنوان «مسيرة الشهداء» في مدينة القضارف، مركز الولاية، شرق البلاد، تكريماً لقتلى سقطوا في التظاهرات المناوئة للحكومة الشهر الماضي، بدعوة من «تجمع المهنيين» الذي يضم أساتذة جامعات ومعلمين وأطباء ومهندسين ومحامين، ولتسليم مذكرة لحكومة ولاية القضارف، تطالب الرئيس بالتنحي. التظاهرة، التي كان أبرز المشاركين فيها من الشباب وطلاب المدارس الثانوية، جابت معظم أرجاء سوق القضارف، وسلك المتظاهرون طريقهم إلى المجلس التشريعي لتسليم مذكرة التنحي لحكومة الولاية، مرددين شعارات «حرية، سلام وعدالة»، و«الثورة خيار الشعب»، و«تسقط بس»، قبل أن تفرقهم الشرطة بالغاز المسيّل للدموع، على غرار احتجاجات مماثلة في المدينة، الشهر الماضي، سقط فيها سبعة قتلى، معظمهم من طلاب الثانوية. وبحسب «تجمع المهنيين»، استطاعت التظاهرة، التي شهدت مشاركة نسائية للمرة الأولى، الوصول إلى برلمان الولاية، وتلاوة مذكرة تطالب البشير بالتنحي، إلا أن الأجهزة الأمنية، حالت دون تسليم المذكرة، بعدما خرج النواب إلى أمام بوابة مقر برلمان الولاية، بحسب ما أوضحت النائبة، آمال خليل، في حديث إلى وكالة «الأناضول»، «توطئة لاستلام المذكرة، تجنباً للعنف ووقوع الخسائر بين المتظاهرين، وتأكيداً لسلمية التظاهر».
البشير: الذين تآمروا على السودان زرعوا في وسطنا بعض العملاء والخونة


وعلى رغم زعم السلطات مرات عدة، أنها لا تمانع تنظيم مسيرات سلمية، تم توقيف العشرات من النشطاء والمعارضين والصحافيين، أمس، أبرزهم سكرتير حزب «الأمة» في ولاية القضارف، عطا حسين، والناشط عبد العظيم عثمان إبراهيم، ليضافوا إلى 816 شخصاً، أقر وزير الداخلية، أحمد بلال، باعتقالهم، أول من أمس، أمام البرلمان، بعد أن اعترف في وقت سابق، بمقتل 19 شخصاً في الاحتجاجات. إزاء ذلك، أعربت دول الترويكا الخاصة بالسودان، أمس، عن قلقها العميق من رد الخرطوم على الاحتجاجات، «واحتجازها لعدد من السياسيين والناشطين والمتظاهرين من دون تهمة أو إخضاعهم للمحاكمة». وأشارت الترويكا، التي تضم دول المملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة وكندا، في بيان (هو الثاني من نوعه)، إلى «وفيات وإصابات خطيرة لأولئك الذين يمارسون حقهم المشروع في الاحتجاج»، و«استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين»، مؤكدة أن «الإجراءات والقرارات التي ستتخذها الحكومة خلال الأسابيع المقبلة، سيكون لها تأثير على تعامل حكوماتنا وغيرها من الدول مع السودان، في الأشهر والسنوات المقبلة».
تظاهرة القضارف، أمس، قابلها حشد مؤيد للحكومة، في مدينة عطبرة (شمال)، التي شهدت اندلاع شرارة الاحتجاجات الأولى في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث جدد الرئيس البشير، أمام مؤيديه أمس، في ختام مهرجان عسكري تدريبي شمال شرقي المدينة، تخوين المحتجين على الأزمة الاقتصادية الحانقة، قائلاً إن «الذين تآمروا على السودان، بكل أسف، زرعوا في وسطنا بعض العملاء، وبعض الخونة، الذين استطاعوا أن يستغلوا بعض ضعاف النفوس، الذين كسروا وحرقوا وخربوا»، من دون تحديد الجهة التي يتحدث عنها، فيما دعا، السبت الماضي، من يطالبونه بالتنحي عن السلطة، للوصول إلى الحكم،‎ إلى الاستعداد لخوض انتخابات 2020 المقبلة، التي يسعى إلى إعطاء ترشحه فيها مشروعية، من خلال تعديل الدستور، بما يمكنه من إعادة الترشح، ليس لدورتين جديدتين فحسب، بل لعدد مفتوح من الدورات.