عكست الرسائل المتبادلة، التي أطلقها المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون، مع اقتراب موعد استنفاد فترة الأشهر التسعة المقررة للمفاوضات في شهر نيسان المقبل، تبايناً في الرؤية والموقف مما يفترض أن يطرحه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اتفاق الإطار المقبل. ويؤشر إلى حجم الصعوبات التي تعترض خيار تمديد المفاوضات استناداً إلى أسس تشكل إطاراً لطبيعة الحل المرتقب.
وتعرض كيري لهجوم إسرائيلي مضاد تزعمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر محاولات فرض المقاطعة الاقتصادية على إسرائيل بأنها غير أخلاقية وغير مبررة ولن تحقق هدفها. وحذر نتنياهو من أن هذه المواقف ستؤدي إلى تمسك الفلسطينيين بمواقفهم، وبالتالي إلى إبعاد فرص السلام. وشدد أيضاً على أن أي ضغط «لن يدفع به إلى التنازل عن المصالح الحيوية لإسرائيل؛ وعلى رأسها أمن مواطني إسرائيل».
من جهته، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون عن عدم قلقه، في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه يأمل التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين «ولكن إذا لم يحصل ذلك سنتدبر أمرنا».
وأضاف يعلون إن بين إسرائيل والمعسكر «السني العربي» الذي تقوده السعودية مصالح مشتركة كثيرة، موضحاً أن لدينا «أعداء مشتركين، إيران، المحور الشيعي في المنطقة، الإسلامي الراديكالي والقاعدة».
بدوره، ندد وزير الشؤون الاستخبارية، يوفال شطاينتس، بتصريحات كيري، واصفاً إياها بغير المحتملة والضارة، مشيراً إلى استحالة إدارة إسرائيل للمفاوضات تحت التهديد. ورأى شطاينتس أن كلام كيري في مؤتمر «الأمن» في ميونيخ» يمكن أن يمس بفرص إنجاح المفاوضات لجهة أنه مع سماع الفلسطينيين بأن إسرائيل ستدمر أو ستتضرر بشكل قاس في حال فشل المفاوضات، فإن ذلك سيعزز حافزيتهم لإفشال المفاوضات». وأضاف شطاينتس إن وزارته تبلور في هذه الأيام خطة شاملة لمكافحة ظاهرة المقاطعة. لكن مصدراً في وزارة الخارجية الإسرائيلية اعتبر أن «من غير الممكن مكافحة هذه الظاهرة».
وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، «يتابعون في وزارة الخارجية التطورات في أوروبا، ويقرّون بأن لدى الدبلوماسية الإسرائيلية أدوات محدودة لمواجهة شركات أعمال تقرر قطع علاقاتها وارتباطاتها مع جهات إسرائيلية».
وتوجه وزير الاقتصاد ورئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت، أيضاً لوزير الخارجية الأميركي بالقول «لم يولد الشعب الذي يتنازل عن بلاده بسبب تهديدات اقتصادية، ونحن أيضاً لن نتنازل». وشدد بينيت على أن الأمن فقط يحقق الاستقرار الاقتصادي، وليس دولة إرهابية قرب مطار بن غوريون. وأضاف «إننا نتوقع من أصدقائنا في العالم الوقوف إلى جانبنا»، وتابع «عرفنا في الماضي وسنعرف أيضاً البقاء أقوياء».
في المقابل، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي، لم تكشف اسمه، قوله إن كيري يضغط على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق إطار قبل تحرير الدفعة الرابعة من الأسرى المفترض تنفيذها في نهاية شهر آذار المقبل. وأضاف المسؤول الإسرائيلي إن كيري تساوره مخاوف من تفجر المفاوضات إذا لم تثمر جهوده حتى ذلك التاريخ، وذلك بسبب رفض نتنياهو تحرير أسرى من فلسطينيي 48، أو بسبب موجة استيطانية جديدة كرد فعل إسرائيلي على تحرير الأسرى، الأمر الذي سيؤدي بالفلسطينيين إلى الانسحاب من المفاوضات.
وأضافت «هآرتس» من المتوقع أن يقرر كيري تمديد المفاوضات بين الجانبين، التي يفترض أن تنتهي في 29 نيسان، حتى نهاية السنة الحالية.
ورداً على الهجمات التي تعرض لها كيري من اليمين الإسرائيلي، رأت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين ساكي، أنها تتوقع من إسرائيل عدم تشويه كلام كيري. وأضافت ساكي إن كيري «فخور بسجله الطويل، طيلة ثلاثة عقود، بدعمه الثابت لإسرائيل وأمنها ومعارضة مقاطعتها»، مشيرةً إلى أنه في السنة الماضية ضغط كيري على وزراء الخارجية الأوروبيين من أجل تأجيل خطوات ضد إسرائيل. وأضافت ساكي إن كيري «وصف حقائق معروفة قيلت في الماضي إزاء الأخطار التي سيواجهها الطرفان في حال فشل المفاوضات، وأن الآثار تشمل الفلسطينيين» أيضاً.
وكان كيري قد أوضح، خلال كلمة له في «مؤتمر الأمن» في ميونيخ، أن فشل المفاوضات بين إسرائيل والسلطة ليس خياراً، وأنه يجب على الجميع توضيح أن البدائل لاتفاق كهذا ليست مقبولة. وفي الوقت نفسه، أقرّ كيري بأنه «في ظل الوضع المعقد في الشرق الأوسط، لا يمكن استثناء إمكانية عدم التوصل إلى تسوية»، مضيفاً إن «الوضع الراهن بين إسرائيل والفلسطينيين لا يمكن أن يستمر». وأشار كيري إلى أن «هناك ازدهاراً مؤقتاً وأمناً مؤقتاً في إسرائيل، ولكن ذلك وهم، وسيتغير كل ذلك مع فشل المحادثات، وتواجه إسرائيل مخاطر أكبر بكثير». وأضاف متسائلاً: «متى سيحصل رد الفعل بسبب خيبة الأمل من قبل الفلسطينيين والعرب؟ هل سنرى المزيد من التطرف والعنف؟ وإلامَ يشير فشل المحادثات بالنسبة إلى قدرة إسرائيل في البقاء علي ما هي عليه اليوم كدولة ديموقراطية ويهودية؟ ففي إطار مبنى ثنائي القومية، فإن الناس سيطالبون بحقوقهم كاملة. هناك معركة متصاعدة على نزع الشرعية ضد إسرائيل، ويتحدث الناس عن المقاطعة، وسيتفاقم ذلك في حال فشل المحادثات. ومن المهم بالنسبة إلينا جميعاً حل هذا الصراع» على حد تعبيره. إلى ذلك، قالت الإذاعة الإسرائيلية، أمس، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلقى تهديداً مباشراً من وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنه (أي عباس) سيلقى مصير الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر فلسطينية، لم تسمّها، قولها إن «الوزير كيري هدد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن يلاقي مصير سلفه ياسر عرفات (دون ذكر المقصود من هذا التصريح بوضوح) في حال رفض الفلسطينيين خطته لحل الصراع مع إسرائيل».
وأشار المصدر إلى أن الرئيس عباس قابل تهديد كيري بالصدمة، كما رفضه بقوة.