غزة | على مدى اليومين الماضيين والمصريون يُجرون «اتصالات موسعة» مع قيادة الفصائل في غزة لمنع وقوع تصعيد أو مواجهة عسكرية مقبلة، بعدما أبلغت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» القاهرة مباشرة وبوضوح أن الأسبوع الجاري سيكون «اختباراً حقيقياً للتفاهمات»، وأن «الأدوات الخشنة لمسيرات العودة» ستعود بقوة وبأساليب مختلفة. أما المصريون، كما ينقل مصدر في المقاومة إلى «الأخبار»، فضغطوا على الفصائل لـ«ضبط النفس»، مع «تقديم الدلائل التي تثبت أن الاحتلال استهدف شهداء الجمعة الأخير خارج المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها والمتمثلة بأقل من 300 متر قرب السلك الفاصل».في الوقت نفسه، نقل جهاز «المخابرات العامة» المصري، الذي يقوم على الوساطة، إلى «حماس» رسائل تفيد بأن العدو أبلغهم أنه ما زال ملتزماً التفاهمات التي اتفق عليها مطلع الشهر الماضي، وأنه لا يرغب في التصعيد على جبهة غزة. لكن ماذا يعني الاستهداف بالقناصة من على هذا البعد على الحدود؟ يوضح المصدر أن المصريين أرادوا خلال حديثهم مع «حماس» الربط ما بين أحداث الضفة المحتلة الأخيرة وإمكانية تأثيرها في التفاهمات الخاصة بالقطاع، لكن الحركة «رفضت ذلك وأكدت أن التفاهمات تخص غزة الآن»، وهو ما تزامن مع تصريح قائد «حماس» في الخارج، ماهر صلاح، بأن «عجلة العمليات النوعية في الضفة قد انطلقت، وستعيد إلى المستوطنين وجنود الاحتلال أيام عياش وأبو الهنود».
على ذلك، يُتوقع أن يصل وفد أمني مصري اليوم (الإثنين) إلى غزة لـ«متابعة الانتهاك الإسرائيلي الأخير»، إذ سيستلم من المقاومة دلائل تؤكد أن العدو تعمد استهداف الشهداء من دون أن «يشكلوا خطراً على جنوده أو حتى يقتربوا من المنطقة العازلة». ويأتي ذلك بعد يوم على بيان «الغرفة المشتركة للمقاومة» في غزة وصفت فيه ما حدث يوم الجمعة بأنه «جريمة متكاملة الأركان، واستهتار واضح من العدو بدماء أبناء شعبنا الغالية». وأضاف البيان أمس: «عندما يتعلق الأمر بدماء شعبنا وآلامه وجراحاته وانتهاك كرامته، فلا الأموال ولا الكهرباء ولا الماء ولا حتى قطع الهواء يمكن أن يوقفنا عن القيام بواجبنا، ويبدو أن العدو قد اشتاق لجولات قتال وردود قاسية من المقاومة تؤدبه وتوقفه عند حده».
ترى أوساط حمساوية أن حل «التشريعي» مرتبط بـ«تخوّفات عباس»


رداً على المطالبة المصرية بتوثيق تعمد الاحتلال قتل وإصابة المتظاهرين خارج «المنطقة العازلة»، قالت «غرفة عمليات المقاومة»: «لقد تبين لدينا بعد الفحص الدقيق لوقائع الجريمة الصهيونية بأن جميع الشهداء قد تم استهدافهم على بعد 300-600 متر من السلك الزائل، كما كانت معظم الإصابات على بعد 150-300 متر، ما يؤكد أن هناك تعمداً واضحاً في قنص جميع الشهداء والجرحى». جراء ذلك، قررت «الغرفة» أن «يوم الجمعة المقبل سيكون حاسماً في اختبار سلوك ونوايا العدو الصهيوني تجاه أبناء شعبنا في مسيرات العودة، وإننا مصرّون على حماية أبناء شعبنا الفلسطيني، ولدى الغرفة المشتركة ردودٌ جاهزةٌ وقاسيةٌ يحدد مسارها وشكلها وتوقيتها سلوك العدو على الأرض، وإن غداً لناظره قريب».
ميدانياً، وفي إشارة إلى جدية التوجه بعودة الضغط، أطلقت «وحدات البالونات» ليلة أمس دفعة من البالونات الحارقة والمفخخة التي انفجر عدد منها فوق المواقع العسكرية الإسرائيلية ومستوطنات «غلاف غزة»، ما أدى إلى استنفار كبير لدى جيش العدو على الحدود محاولاً تفجير البالونات التي لم تنفجر.
في شأن متصل، أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، أنه «لا يوجد أي جندي إسرائيلي داخل غزة» بعد حادثة خانيونس الأخيرة، مشدداً على أن الجيش «يبذل جهوداً كبيرة لمنع دخول الأسلحة المتطورة» إلى القطاع. وأضاف أيزنكوت خلال «مؤتمر هرتسيليا الأمني» صباح أمس: «ضربنا المئات من الأهداف هناك لذلك تجد حماس نفسها في موقف صعب يجبرها على التوجه إلى مسيرات العودة». ونقلت صحيفة «هآرتس» عنه اعترافاً بأنهم في الجيش «لم نتمكن من توفير شعور جيد بالأمن لسكان غلاف غزة، وقد تضررنا من الوسائل البدائية التي استخدمت ضدنا... (لكن) استخدام القوة المفرطة في غزة سوف تنتج منه مشكلة أكثر تعقيداً وصعوبة... لا يجب أن تخضع قرارات استخدام القوة للعاطفة».
على الصعيد السياسي، واجه قرار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، حل «المجلس التشريعي» (البرلمان) رفضاً فصائلياً واسعاً، ووصفه بأنه رفض لخيار المصالحة، ولاتفاق الفصائل الأخير الذي دعا لإجراء انتخابات فلسطينية شاملة تشمل «المجلس الوطني لمنظمة التحرير» و«التشريعي» والرئاسة بالتزامن. وكانت «الأخبار» قد كشفت (راجع العدد 3547 في 24/8/2018) أن أعضاء في «المجلس المركزي» أبلغهم عباس بنيته حل المجلس قريباً على أن تحوّل صلاحيات «التشريعي» وكذلك «المجلس الوطني» إلى «المركزي».
لكن مصادر مقربة من «حماس» ترى أن خطوة عباس المعلنة أول من أمس، تأتي لتعكير الجولة الخارجية التي يجريها القيادي في «حماس» محمود الزهار بصفته رئيس «الكتلة البرلمانية للحركة في التشريعي»، والجولة التالية لرئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية نهاية الشهر الجاري، في ضوء خشية عباس من أن «حماس» تسعى إلى الحصول على تمثيل الشعب الفلسطيني خارجياً بما يهدد آخر الأوراق لديه أمام المجتمع الدولي. وفي هذا السياق، عقّب ‏نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أبو أحمد فؤاد، بالقول إن قرار حل التشريعي «سياسي ولا علاقة له باعتبارات قانونية... نتساءل عن توقيت هذا القرار في ظل المشاريع الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية».