الجزائر | وضعت حركة «مجتمع السلم» الجزائرية، مجموعة من السيناريوهات الخاصة بالانتخابات الرئاسية المقررة دستورياً منتصف نيسان/أبريل المقبل. وذكرت الحركة التي تنشط في المعارضة بوضوح، في بيان لها أمس، أن التوجه العام داخلها، هو مقاطعة الانتخابات في حال ترشُّح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة. أما السيناريو الثاني المطروح والمتعلق بتمديد الولاية الحالية للرئيس، فأوضحت الحركة التي يختصر اسمها بـ«حمس»، أن موقفها سيكون منه الرفض كذلك، واستمرار المقاومة السياسية، إذا حصل هذا التمديد من دون توافق على إصلاحات ديموقراطية. ولم تستثنِ «حمس» من احتمالاتها، إمكانية تشكيل تكتل معارض جديد، إذا فتحت الترشيحات ضمن القواعد التقليدية المانعة للمنافسة الشفافة.وتطرح حركة «مجتمع السلم»، التي تمثل ثالث حزب في البرلمان، منذ نحو شهر، مقترحاً لتأجيل الانتخابات من أجل الوصول إلى توافق وطني حول تسيير مرحلة انتقالية، تكون بعد نهاية فترة حكم بوتفليقة، الذي يستمر في الرئاسة منذ سنة 1999. وبنت «حمس» فكرتها لتأجيل الانتخابات، حول معلومات تروج في الساحة السياسية، تفيد بعدم رغبة الرئيس في المواصلة، وهو ما يعني عدم الاستجابة للدعوات التي وجهها إليه أنصاره بالترشح من جديد منذ أشهر. وما زاد من حدة الجدل حول فكرة «حمس»، ذي الخلفية «الإخوانية»، أن حزب تجمع أمل الجزائر «تاج»، المحسوب على الموالاة (مؤسسه كان قيادياً في «حمس»)، بات هو الآخر يطرح فكرة تأجيل الانتخابات، ويدعو إلى بناء «إجماع وطني» جديد، ما أعطى الانطباع بأن دعوات التأجيل ليست معزولة عن محيط بوتفليقة.
ولتفادي الحرج الذي أصابها بعد تبني حزب من الموالاة لمقترحها، سارعت حركة «مجتمع السلم»، إلى نفي أي صلة لها بمخطط يجري إعداده في رئاسة الجمهورية للتمديد لبوتفليقة. وذكرت أن مقترحها بتأجيل الانتخابات يأتي وفق شروط واضحة تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. وذكرت أنّ أهم هذه الشروط، أن «يتضمن التأجيل عقداً سياسياً معلناً يحتوي على إجراء إصلاحات سياسية عميقة، تضمن توازن المؤسسات، وإمكانية التنافس الانتخابي الشفاف في المنظور القريب». وأضافت أنها ترفض أن «يتحول التأجيل إلى عهدة جديدة دون انتخابات»، وذلك بالاتفاق على «فترة زمنية في حدود سنة، ستكون كافية لوضع الأسس القانونية للإصلاحات السياسية والاقتصادية، والتقرب أكثر بين مختلف المكونات، لبناء توافق وطني لعهدة كاملة بعد التأجيل».
تسود في الساحة السياسية الجزائرية، حالياً، أجواء ترقب شديدة، لما ينوي الرئيس بوتفليقة فعله، خصوصاً مع اقتراب الموعد الدستوري لاستدعاء الهيئة الناخبة منتصف شهر كانون الثاني/يناير المقبل، ما يعني دخول الجزائر رسمياً الأجواء الانتخابية. ومن بين الأفكار المتداولة، إمكانية الاتفاق بين مكونات السلطة، على تأجيل الانتخابات، عبر إجراء تعديل دستوري، يزيد من مدة الولاية الرئاسية من 5 إلى 7 سنوات. وتحظى أحزاب الأغلبية، في البرلمان، بالعدد الكافي من النواب الذي يمكنها من هذا التعديل، لكن أحداً منها لم يصرح رسمياً بإمكانية تطبيق هذا الاقتراح فعلياً، عدا بعض التسريبات التي تشير إلى وجود هذا الاحتمال.
لم تستثنِ «حمس» من احتمالاتها إمكانية تشكيل تكتل معارض جديد


وتعتقد شخصيات معارضة أن ما يدفع أحزاب الموالاة إلى هذا الاحتمال، صعوبة تسويق الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة داخلياً، وحتى دولياً. ويرى القيادي في هيئة التشاور والمتابعة، عبد العزيز رحابي (تكتل معارض أنشئ بعد رئاسيات 2014)، أن الولاية الخامسة مستحيلة سياسياً وقانونياً، لكون الرئيس بوتفليقة يعاني من ظروف صحية تجعله لا يستجيب لشروط الترشح، وهذا ما يدفع ــ حسب ما يقول ــ إلى التفكير في مخارج غير دستورية، من بينها التمديد للرئيس.
وقد دأب الرئيس بوتفليقة، في كل المواعيد الانتخابية الرئاسية، على ترك مسألة ترشحه للأسابيع الأخيرة، ما يدفع أكبر المشككين في تنظيم الرئاسيات في وقتها، إلى التريث قبل سماع الإعلان الرسمي الأخير للرئيس الذي قد يكون مفاجئاً للجميع. ونشرت جريدة حكومية قبل أسبوع، افتتاحية في هذا الصدد، تشير إلى أن الرئاسيات ستجري في وقتها، وأن الرئيس بوتفليقة سيجيب دعاة ترشحه قريباً، لتزيد من الوضع غموضاً على غموض.