لم يكن مفاجئاً أن تلجأ إسرائيل والسلطة بعد سلسلة العمليات الناجحة للمقاومة في الضفة الغربية، إلى تفعيل اتصالاتها لتعزيز التنسيق الأمني، بهدف احتواء أجواء الغضب الشعبي، والحؤول دون تكرار مثل هذه العمليات التي - لو حصلت - سيكون وقعها قاسياً جداً على جيش الاحتلال وعلى قيادته السياسية وتحديداً بنيامين نتنياهو. في هذه الأجواء، ذكرت التقارير الإعلامية الإسرائيلية أن ممثل رئيس السلطة الفلسطينية، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، وصل إلى إسرائيل حيث عقد اجتماعاً مع رئيس «الشاباك»، ناداف أرغمان، ومع مسؤولين آخرين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وأكدت التقارير نفسها نقلاً عن مصادر فلسطينية، أن الاجتماع تناول «طرق خفض التوتر» في الضفة الغربية، وهو ما يعني عملياً بحث سلسلة إجراءات وخطوات ينبغي على الطرفين الإقدام عليها من أجل تعزيز أمن قوات الاحتلال والمستوطنين. وعلى هذه الخلفية، ربما نشهد في أعقاب ذلك خطوات عملانية من قبل «السلطة» تستهدف فصائل المقاومة، عقاباً لها على استهداف جنود الاحتلال. ولوحظ أن اللهجة الإسرائيلية كانت مضبوطة نسبياً تجاه «السلطة»، بعد تنفيذ العمليات، وهو ما يؤشر أيضاً إلى وجود رضا لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إزاء المساعي التي تبذلها السلطة في هذا السياق. وهو ما يتقاطع مع ما نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن المصادر الفلسطينية ذاتها بأن رئيس السلطة محمود عباس، وجّه تعليماته إلى أجهزة الأمن بالحفاظ على التنسيق الأمني، في موازاة المطالبة بوقف هدم بيوت منفذي العمليات في الضفة الغربية، على خلفية أن الهدم سوف يساهم في حشر السلطة ويؤجج الغضب الشعبي.على خط مواز، أجرى الأردن مجموعة اتصالات تحت عنوان إزالة التوتر. وكان رئيس المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، قد اجتمع مع نظيره الأردني، لمناقشة الأوضاع الأمنية، ونتيجة المخاوف من فقدان السيطرة نتيجة الإجراءات القمعية الإسرائيلية، أكد المصدر الفلسطيني بأن الأردن وجّه رسالة إلى إسرائيل موضحاً فيها أنه إذا واصلت إجراءاتها في الضفة فإن ذلك سوف يعقّد الوضع.
أجرت عمان مجموعة اتصالات مع الجانبين تحت عنوان «إزالة التوتر»


وأكد حسين الشيخ اللقاء مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ووضع هذه الخطوة تحت عنوان مناقشة التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وأن الجانب الفلسطيني طالب الجانب الإسرائيلي بوقف التصعيد و«وقف استباحة واعتداءات المستوطنين ضد أبناء شعبنا». وأضاف الشيخ أن الأردن ومصر مارسا الضغوط لوقف العنف الإسرائيلي في الضفة واستهداف السلطة، مشيراً إلى أن «حملة التحريض الأخيرة من بعض المسؤولين الإسرائيليين على السلطة، وعلى رئيسها». وأوضح أن «هذا الوضع لم يعد يحتمل، وأن الاتفاقيات الموقعة بين السلطة وإسرائيل على المحك، ولم تعد قائمة بحكم هذا التصعيد».
في المقابل، لم يكشف حسين الشيخ عن المطالب التي يفترض أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية طالبت بها الطرف الفلسطيني لمواجهة المقاومة في الضفة ولمنع التحركات الشعبية، وما كان الرد الفلسطيني على هذه المطالب.
إلى ذلك، نقلت تقارير إعلامية إسرائيلية عن مصدر أمني فلسطيني قوله: «نحن لا نريد الفوضى في الضفة الغربية، ونهتم مثلكم، بمنع حركة حماس من نشر الفوضى، ولكن إسرائيل لا توفّر لنا هذه الإمكانية». وتوجّه إلى المسؤولين الإسرائيليين بالقول: «أنتم تخشون انهيار السلطة في قطاع غزة أكثر مما تخشون من انهيار السلطة في الضفة... تحوّلون الأموال إلى من يطلق عليكم الصواريخ، بينما تحشرون في الزاوية من ينسق معكم في الشؤون الأمنية». وحذر المصدر الأمني، أيضاً، من «خصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء من أموال الضرائب التي تقوم إسرائيل بتحويلها للسلطة الفلسطينية في كل شهر»، مشدداً على أن ذلك «سيعرّض السلطة لخطر الانهيار، وتكون حركة فتح أول من يثور ضدها، قبل حركة حماس».