اختتمت أمس الجولة الأولى من مفاوضات «جنيف 2». لم ينعَ الأخضر الإبراهيمي المؤتمر. «لم نحزر أي تقدّم»، لسان حاله طيلة أسبوع المفاوضات، لكن الوسيط الدولي يعد العدة لجولة الثانية لعلّه يحدث اختراقاً. جرعة التفاؤل التي ختم بها الدبلوماسي الجزائري المؤتمر الدولي، لم تنسحب على الوفدين السوريين.
أحمد الجربا رأى أنّ «ائتلافه» حصل على ما يريد. جرّ الحكومة السورية إلى طاولة التفاوض وحصل على «وسائل الدفاع» و«التسليح» حتى التزام «النظام تأليف هيئة الحكم الانتقالي»، فيما «أسف» وزير الخارجة السوري وليد المعلم لعدم حصول أي تقدم، مؤكداً تفسير بلاده لمسألة الحكومة الانتقالية بالقول: «لدينا حكومة وعندما نرى شريكاً حقيقياً في صنع المستقبل يمكن أن ينضم إليها».
إذاً، انتهت أمس جولات من محادثات استمرت أسبوعاً، من دون إحراز أي تقدم، ومن دون أن يؤكد وفد الحكومة السورية أنّه سيعود للمشاركة في الجولة المقبلة بعد عشرة أيام.
وقال وسيط الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي إنّ وفد المعارضة سيعود في العاشر من شباط، بينما أبلغه وفد الحكومة السورية أنّه في حاجة إلى التشاور مع دمشق قبل تأكيد عودته.
واعترف الإبراهيمي بأن التقدم بطيء، قبل أن يقرأ بياناً لخّص رأيه الشخصي للجولة الأولى، بعد رفض الطرفين توقيعه، وجاء فيه ما قال إنها «عناصر إيجابية قليلة، وإنه يتطلع الى أن تكون أرضية يمكن الوقوف عليها، لو كانت هناك ارادة سياسية، وإذا أراد الطرفان ذلك». وقال إنه استخلص عشر نقاط من هذه الارضية المشتركة، أبرزها أنّ الطرفين ملتزمان مناقشة التطبيق الكامل لبيان جنيف 1 للوصول الى حل سياسي، وان الطرفين يعرفان انه «للوصول الى تطبيق بيان جنيف 1 عليهما التوصل الى اتفاق دائم وواضح على وضع حد للنزاع، وعلى اقامة هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية، إضافة الى خطوات اخرى ابرزها الحوار الوطني واعادة النظر في الدستور والانتخابات».
ويقول دبلوماسيون متابعون إنّه مع عدم تحقيق تقدم في قضايا الصراع، فإن الأولوية الآن تنصبّ على الاستمرار في المحادثات، أملاً في تغير المواقف الجامدة بمرور الوقت.
بدوره، حمّل وزير الخارجية السوري وليد المعلم «الائتلاف» السوري والولايات المتحدة مسؤولية فشل الجولة الأولى من المفاوضات. وقال: «آسف لعدم التوصل إلى نتائج ملموسة خلال أسبوع من الحوار»، مشيراً إلى أن مسؤولية فشل الجولة الأولى من المفاوضات تعود إلى «عدم جدية» الطرف الآخر، وإلى «الجو المشحون والتوتر، اللذين أرادت الولايات المتحدة أن تشحن بهما الاجتماعات من خلال تدخلها العلني وتسيير المعارضة». وأضاف: «نستغرب أن تقوم أميركا بدعم العراق في قتال داعش، في وقت تمد فيه التنظيم وجبهة النصرة بالسلاح لقتل السوريين».
وحول موقف دمشق إزاء المشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات، أوضح المعلم أنّ الرئيس السوري والحكومة السورية هما من سيقرر حضور الجولة الثانية، «وفق مصلحة الشعب السوري». ورأى المعلم أنّ بيان «جنيف 1» لم يتطرق إلى موضوع مقام الرئاسة، وعن طرح موضوع الهيئة الانتقالية في الجولة المقبلة، قال المعلم إن موضوع الحكومة الانتقالية هو في صلب بيان جنيف 1 لكنه ليس البند الأول بل الثامن «ونحن لم نقل في لحظة من اللحظات اننا لا نناقش هذا البند، فنحن بلد لديه دستور وقيادة وحكومة ومؤسسات، لذلك نحن جاهزون لمناقشته، لكن لا بد أولا أن نعرف هوية الطرف الآخر، وهل هو سوري أم لا». وأضاف أن «لهذه الهيئة تفسيرات عدة، فهناك من يقول هيئة وهناك من يقول حكومة جديدة، وكلتاهما له الهدف نفسه... نحن لدينا حكومة وعندما نرى شريكاً حقيقياً في صنع المستقبل يمكن أن ينضم إليها».
في المقابل، أكد رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا حصول المعارضة على «وسائل الدفاع» على الأرض، مؤكداً أنّ «التسليح سيزداد» حتى التزام النظام السوري تأليف هيئة الحكم الانتقالي.
وأعلن الجربا من جهة ثانية التزام المعارضة العودة إلى جنيف للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات. وقال: «ربطنا سلفاً حضورنا جنيف 2 بتوفير وسائل الدفاع عن شعبنا على الأرض. اطمئنكم إلى أن تعهدات الدول أصبحت نافذة، وبدأت وتيرة دعم ثوارنا بالتصاعد كما سمعتم في الأيام القليلة الماضية»، في اشارة إلى ما أوردته وكالة «رويترز» قبل أيام عن «قرار سري» اتخذه الكونغرس الأميركي بتسليح «المعارضة المعتدلة» في سوريا. وأضاف: «كلما ازداد النظام مراوغة وتهرباً من الالتزامات التي جئنا بناء عليها إلى العملية السياسية، ازداد التسليح الدفاعي لثوارنا المدافعين عن عرضنا وكرامتنا كماً ونوعاً حتى يلتزم النظام حرفية جنيف 1».
وعن نتيجة الأيام السبعة من التفاوض، قال الجربا «باستثناء موافقتهم المبدئية على مرجعية جنيف 1، لا يمكن الحديث عن أي التزام جدي من قبل ممثلي الأسد».
في سياق آخر، تواصل الضغط الغربي الكلامي حول التأخر في التخلص من السلاح الكيميائي السوري. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، إنه لا مبرر لدى سوريا لتأجيل التخلص من أسلحتها الكيميائية، وإن عليها التحرك «بسرعة كبيرة» للسماح بنقل هذه الأسلحة خارج البلاد، فيما أنحت دمشق باللائمة في التأخير على «عقبات أمنية»، وقالت إنّه لا يمكن إنجاز المهمة بأمان ما لم تتسلم عربات مصفحة ومعدات اتصال.
وأضاف كيري، في مؤتمر صحافي في برلين، إنّه «إذا أخفق الرئيس السوري بشار الأسد في الوفاء بالتزاماته، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيجتمعون لدراسة الخيارات، ونرى أن من الضروري في هذه اللحظة أن نمضي قدماً».
في السياق، نقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عن الدبلوماسي الروسي ميخائيل أوليانوف قوله «إنّ الحكومة السورية تعمل بصدق للقضاء على أسلحتها الكيميائية»، وإنه ما من حاجة لزيادة الضغط على دمشق برغم التأخيرات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)