في موازاة اتساع التهديد بفرض عقوبات ومقاطعة دولية على إسرائيل، على خلفية الاستيطان واستمرار احتلال الضفة الغربية، تشهد المؤسسة السياسية في تل ابيب خلافات عميقة ازاء استراتيجية المواجهة الواجب اتباعها، وسط تزايد عدد الشركات والمؤسسات الاقتصادية حول العالم، التي أعلنت بالفعل مقاطعة التعامل مع اسرائيل.
وكشفت صحيفة «هآرتس» امس أن الطبقة السياسية في تل ابيب تشهد خلافا بين معسكر يدعو الى تصعيد المواجهة مع الجهات الدولية الداعية الى المقاطعة، ويقوده وزير الشؤون الاستراتيجية، يوفال شتاينتس، في مقابل معسكر اخر تقوده وزارة الخارجية، التي ترى أن أي اجراء تصعيدي سيؤدي الى تشجيع المنظمات الدولية على المقاطعة، ولن يفيد اسرائيل بشيء.
وتؤكد مصادر سياسية اسرائيلية، بحسب «هآرتس»، ان «الخلاف لا يقتصر فقط على وزراء الحكومة، بل يمتد ايضا الى داخل الوزارات ودوائرها والمؤسسات المعنية مباشرة بالمقاطعة، كما يشمل الخلاف تقدير مدى ومستوى خطر الظاهرة واضرارها على اسرائيل»، مشيرة الى ان «كل مسألة المقاطعة وسبل مواجهتها، باتت غير مفهومة ولا يمكن تقديرها جيدا، وخاصة ان الخلاف لا يقتصر فقط على كيفية المواجهة، بل يوجد ايضا سوء تنسيق وفوضى ومصالح شخصية بين المؤسسات والشخصيات السياسية في اسرائيل».
وكانت اسرائيل قد بدأت تتلمس خطر ظاهرة مقاطعة المنظمات والشركات الاقتصادية الكبرى حول العالم، وتحديدا تلك التي تعنى بالاستثمار المالي، منذ حزيران الماضي، الامر الذي دفع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بحسب مصادر في الخارجية الاسرائيلية، الى «اجراء متسرع»، مبني على خلو الخارجية من وزير في حينه، وسحب صلاحية مواجهة هذه الظاهرة من دوائر الخارجية، الى وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي يترأسها يوفال شتاينتس، الذي اعد خطة لمكافحة ظاهرة المقاطعة، مع اقتراح بتنفيذ خطوات مضادة وحملات دعائية ودعاوى قانونية غير مسبوقة على اي منظمة وشركة اقتصادية دولية تشجع على مقاطعة اسرائيل.
ورأت مصادر في الخارجية الاسرائيلية ان وزارة الشؤون الاستراتيجية تضخم ظاهرة المقاطعة، مشيرة الى ان «المنظمات غير الحكومية حول العالم، التي تدعو الى مقاطعة شاملة لاسرائيل، لا المستوطنات فقط، ما زالت هامشية نسبيا، وبالتالي اي حملة معلنة ضدها ستؤدي الى تعزيز مكانتها وحراكها ضد اسرائيل».
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» امس، لائحة باسماء المنظمات والمؤسسات الدولية الاقتصادية، التي تقاطع اسرائيل لا المستوطنات في الضفة الغربية فقط. وجاء على رأس اللائحة «صندوق التقاعد الحكومي في النرويج»، الذي باع اسهمه في شركة «البيت معرخوت» للصناعات الامنية والعسكرية، واعلن انه لن يستثمر بعد الان في الشركتين الاسرائيليتين الرائدتين، «افريقا اسرائيل »، و«دانيا سيبوس».
وورد في لائحة الشركات المقاطعة لاسرائيل، شركة القطارات الحكومية الالمانية، التي انسحبت من اقامة شبكة للسكك الحديدية في اسرائيل، على خلفية مرور احد خطوط الشبكة في الضفة الغربية، فيما الغي معرض «تل ابيب – المدينة البيضاء » في بلجيكا، على الخلفية نفسها، بينما اعاد مهرجان فني للصناعة السينمائية في اسكتلندا منحة مالية قدمتها السفارة الاسرائيلية إلى الفائزين.
وعددت الصحيفة مؤسسات وشركات اقتصادية واهلية اعلنت مقاطعة اسرائيل في كل من الولايات المتحدة واستراليا وهولندا وبريطانيا وايرلندا، اما وزارة خارجية جنوب افريقيا، فأعلنت أن كل وزراء الحكومة يقاطعون إسرائيل ويرفضون زيارتها.