على رغم الهجوم الأميركي غير المسبوق على مسار «أستانا» الذي ترعاه روسيا وإيران وتركيا، لم يرشح عبر وسائل الإعلام أية تصريحات تركية في هذا الشأن، خلال اليوم الأول من زيارة الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون سوريا، جايمس جيفري، إلى أنقرة. وركّز حديث المسؤولين الأتراك، كما بيان «فريق العمل المشترك» الأميركي ــــ التركي، على الملفات ذات الاهتمام الثنائي المشترك (في الشأن السوري)، لا سيما ما يخصّ منبج وشرق الفرات. الجولة التي ستحمل جيفري لاحقاً إلى الأردن، شملت أمس سلسلة لقاءات مع كل من الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ونائب وزير الخارجية سادات أونال. ويفترض أن تستكمل بزيارة إلى مواقع التدريب المشترك للقوات الأميركية والتركية، الذي يتولى تحضير العسكريين للدوريات المشتركة في الريف الشمالي لمدينة منبج. البيان المشترك الذي خرج عن «فريق العمل المشترك»، ونشرته وزارة الخارجية التركية، شدد على ضرورة «تحقيق تقدم ملموس وسريع» في تنفيذ خريطة الطريق الخاصة بمنبج، بحلول نهاية العام الحالي، واستمرار «التخطيط المشترك للعمل في المناطق الأخرى» وفق ما تنص عليه تلك الخريطة. كذلك تضمّن البيان التزام الطرفين «سيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا»، مشيراً إلى «أهمية التقدم المستمر في مسار الحل السياسي للنزاع السوري بما يتفق مع قرار مجلس الأمن 2254». ونص على عزم أميركا وتركيا على «محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره الناشئة من داخل سوريا وخارجها» إلى جانب «التصدي بفعالية للشواغل الأمنية لكلا البلدين، بما يتماشى مع التزاماتهما تجاه بعضهما البعض كحليفين». واختتم بتحديد موعد الاجتماع المقبل وفق الصيغة نفسها قبل نهاية شباط من العام المقبل، على أن يعقد في العاصمة الأميركية واشنطن.
اتهمت واشنطن دمشق وموسكو بتنفيذ «الهجوم الكيميائي» الأخير في حلب

صيغة البيان الذي صدر بعد اجتماع استمر لأكثر من خمس ساعات، لم تخرج عن لغة التعاون المشترك التي يتجادل ضمن إطارها الطرفان عادة، وهي تشير إلى أن الجانب الأميركي مستمر في سياسة شراء الوقت لمنع أي صدام بين حليفه التركي، والقوى التي يرعاها في شرق الفرات. غير أن التصريحات التركية تشير إلى أن أنقرة لن تقبل بالخطة الأميركية الحالية لتثبيت نقاط مراقبة على طول الحدود، من دون وعود واضحة المعالم لإضعاف نفوذ «وحدات حماية الشعب» الكردية على امتداد الأراضي السورية بين نهري دجلة والفرات. إذ يصرّ المسؤولون الأتراك على ضرورة توسيع إطار التعاون القائم في منبج لتشمل صيغته كامل تلك المناطق المحاذية لأراض تركية. وخلال اجتماعات أمس، أكد وزير الدفاع التركي ضرورة إنهاء الدعم الأميركي المقدم لـ«الوحدات» الكردية، والتخلي عن طرح نقاط المراقبة، مشدداً أمام ضيفه جيفري على أن بلاده «لن تسمح بإنشاء ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية.
وبينما تعمل واشنطن جاهدة على ضمان الهدوء على الحدود السورية ــــ التركية شرق الفرات، تكثّف قواتها من الغارات الجوية على مناطق سيطرة تنظيم «داعش» في محيط بلدة هجين في الريف الشرقي لدير الزور. وتسببت كثافة تلك الغارات خلال الأيام القليلة الماضية بوقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين، خلال محاولة «التحالف الدولي» تمهيد الطريق أمام «قوات سوريا الديموقراطية» لدخول بلدة هجين، أبرز معاقل «داعش» في وادي الفرات. ولم تتمكن تلك القوات من تحقيق أي خرق لافت داخل البلدة، على رغم إعلاناتها المتكررة عن «تحرير مئات المدنيين» هناك. ويأتي هذا التصعيد من جانب «التحالف» في وقت قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال جوزف دانفورد أن قوات بلاده درّبت نحو خمس القوات اللازمة لحماية استقرار المناطق التي كانت تحت سيطرة «داعش»، والتي يقدر عددها بين 35 ألفاً و40 ألف عنصر، مضيفاً في معرض ردّه على سؤال صحافي حول المدة المحتملة لبقاء القوات الأميركية في سوريا، إلى أن مهمة التدريب تلك قد تطيل تلك المدة أكثر.
وعلى صعيد آخر، اتهمت الولايات المتحدة الأميركية، الحكومة السورية وروسيا، بتنفيذ «الهجوم الكيميائي» الذي استهدف أحياء في مدينة حلب في 24 تشرين الثاني الماضي. وقال بيان لوزارة الخارجية الأميركية إن «نظام الأسد وروسيا اتهما زوراً المعارضة والجماعات المتطرفة بالقيام بهجوم الكلور في شمال غربي حلب»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة لديها معلومات موثوق بها تظهر أن من المحتمل أن تكون القوات الموالية للنظام قد استخدمت القنابل المسيلة للدموع ضد المدنيين... كفرصة لتقويض الثقة في وقف إطلاق النار في إدلب». وأعرب البيان عن قلق واشنطن من «سيطرة المسؤولين الموالين للنظام على موقع الهجوم مباشرة... ما سمح لهم بتلويث الموقع قبل إجراء تحقيق سليم في الأمر من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية».