«مطمئنين إلى أن جيش الدفاع الاسرائيلي يحمي ظهورهم بشكل غير مباشر، قاتل المسلحون المعارضون كتائب الجيش السوري في اللواءين 90 و61» في جنوب سوريا. هذه العبارة ليست تهمة يردّدها أنصار النظام في دمشق، بل أوردها الكاتب الاسرائيلي إيهود يعاري، في مقاله المنشور في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» الأميركي، القريب من اللوبي الإسرائيلي في أميركا.
المقال الذي يعبّر عن خشية إسرائيل من تنامي دور الجماعات المسلحة المتطرفة، خصوصاً تلك القريبة من تنظيم «القاعدة»، في المناطق الحدودية مع مرتفعات الجولان المحتل بشكل خاص، وجنوب سوريا بشكل عام، يكشف كاتبه عن وجود تعاون بين المعارضين «المعتدلين» وجيش الاحتلال الاسرائيلي جنوب سوريا.
وإزاء القلق التي تشعر به من إمكان دخول عناصر تنظيم «القاعدة» الى المناطق المتاخمة للحدود مع مرتفعات الجولان المحتل، «تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى زيادة دعمها للمسلحين المعارضين للنظام السوري في جنوب سوريا». ويشرح يعاري في مقاله الذي نشر أول من أمس «أنه مع ارتفاع حدة القتال في سوريا، بدأت إسرائيل تتحرّك بحذر، لا سيّما في مناطق مرتفعات الجولان على طول خط الحدود. وفيما كانت المساعدات الاولية مقتصرة في بادئ الامر على المواد الطبية والانسانية لمعالجة المصابين في القرى القريبة، انتقل العلاج الى آلية متطورة لتوفير الأدوية والغذاء والوقود والملابس، وأكثر من ذلك». وبحسب الكاتب، فإن نقل جرحى المعارضة السورية لعلاجهم في المستشفيات الاسرائيلية عبر الجولان، والذين بلغ عددهم نحو 600 جريح، يؤشر إلى تقديم نوع آخر من المساعدات لهم». وهذا ما يؤشر، بحسب الكاتب، إلى إنشاء نظام اتصالات وتكرار التواصل مع الجماعات المسلحة.
وفيما يرى الكاتب أن ما يجري اليوم على الحدود الاسرائيلية ـــ السورية يعيد بالذاكرة الى «الجدار الطيب» الذي نشأ على الحدود مع لبنان في منتصف السبعينيات، إلا أن الامر مختلف اليوم، لأن جهود القوات الاسرائيلية في دعمها للجولان «حذرة الى درجة عدم العمل داخل الأراضي السورية التي يسكنها خليط من السنّة والدروز والشركس، جنباً الى جنب مع مختلف الفصائل المسلحة». فاختارت إسرائيل البقاء بعيدة عن المستنقع الدموي في سوريا. لكن «ارتفع القلق الاسرائيلي مع ازدياد دور الجماعات المسلحة المتطرفة المنتمية الى تنظيم القاعدة». ويضيف الكاتب: «على ما يبدو قد تشعر إسرائيل بأنها ملزمة باتخاذ تدابير غير معلنة تهدف إلى منع أو على الأقل إبطاء حركة المقاتلين المتطرفين إلى الأراضي الجنوبية في دمشق، لا سيّما هؤلاء الذين ينتمون الى «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة». وتراقب إسرائيل المنطقة الجنوبية التي تمتد من حدود الجولان الى الضواحي الجنوبية بين دمشق ومدينة درعا تحديداً بحذر، خصوصاً أن لـ«النصرة» انتشاراً في محافظة درعا.
ويكمل يعاري أن «كلاً من إسرائيل والاردن يتشاركان اهتمامهما بجنوب سوريا»، لكن «الملك عبدالله الثاني أقل قلقاً في شأن متشددي القاعدة على طول الحدود مع بلده». ويذكّر الكاتب هنا بالتقارير التي كشفت عن «غرف مغلقة» في عمان يشرف عليها عناصر الجيش الأردني والمخابرات الاردنية لمساعدة الجماعات المسلحة الى جانب المستشارين السعوديين والغربيين.
لكن حتى الساعة، وبحسب الكاتب، «يعود سبب عدم قدرة العناصر المرتبطة بالقاعدة على إحكام سيطرتها في جنوب سوريا، ليس للدور المزعوم الذي تلعبه إسرائيل أو الاردن، بل بسبب انشغال المقاتلين في الحرب في ما بينهم في شمال سوريا». ورغم ذلك، «ازدادت قوّة عناصر «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، بحسب تقديرات الاستخبارات الاسرائيلية التي تحدّثت عن وصول عددهم الى 40 ألف مقاتل» في سوريا. ويكمل الكاتب أنه في حال أطلقت هذه الجماعات جهودها لتوسيع رقعة انتشارها جنوبي دمشق، «على إسرائيل والأردن أن يقررا ما إذا كانا سيجلسان مكتوفي الأيدي في الوقت الذي ترسّخ فيه القاعدة انتشارها على طول الحدود».
وفي ظل هذه الشكوك، وفي حال قرر عناصر «القاعدة» تولّي مسؤولية المناطق المتاخمة لإسرائيل والأردن، يختم الكاتب بأنه «قد تنشأ تهديدات جديدة، وهي احتمال تصدير إراقة الدماء في سوريا الى جيرانها»، مضيفاً، «في إمكان مثل هذا التطوّر إعطاء القاعدة حرية العمل على مساحة واسعة تمتد من غربي بغداد الى جنوب سوريا. بعبارة أخرى، فإن التنظيم يكون بذلك قد حقق هدفه الذي طال انتظاره: جبهة مع إسرائيل».
(الأخبار)