القاهرة | زيارة قصيرة لم تزد على 18 ساعة، مع أن المعنيين حاولوا إظهارها على أنها كانت على مدى يومين، هي محصلة جولة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في القاهرة، للمرة الثانية في العام الجاري. ورغم مصاحبة وفد كبير ورفيع المستوى لابن سلمان، لم تشهد الزيارة توقيع أي اتفاقات ثنائية، بل اكتفى الضيوف بالوعود عامة وبزيارات أخرى قريباً. وبينما تضمن برنامج الساعات لقاءين مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حرص الأخير على استقبال ضيفه وتوديعه في مطار القاهرة.تزامناً مع وصول ابن سلمان إلى العاصمة المصرية، كانت وسائل الإعلام المدعومة من النظام تطلق حملة لتحسين صورته، في ظل الرفض الذي أبداه عدد من الصحافيين لزيارته. وتحدث الإعلام المصري عن الإنجازات التي حققها الرجل منذ تعيينه ولياً للعهد، والدور الذي يقوم عليه في المملكة كأحد «الوجوه الإصلاحية الشابة القادرة على قيادة المملكة في الفترة الحالية بدعم من والده الملك».
وبجانب أن الرئاسة والحكومة تكتّمتا على تفاصيل الزيارة، خاصة مسير ولي العهد والوفد المرافق له تخوفاً من الدعوة إلى تظاهرات غاضبة، رتبت الأجهزة الأمنية لتظاهرات شارك فيها العشرات في ميدان التحرير، رافعين لافتات ترحيب بالأمير الشاب في طريقه من فندق «فور سيزونز» المطل على النيل الذي أقام فيه، وصولاً إلى قصر الاتحادية في مصر الجديدة. وشهدت شوارع المدينة إغلاقاً كاملاً لساعات على مدار اليومين الماضيين لتأمين الموكب الذي ضم أكثر من 30 سيارة.
إلى جانب التكتم على تفاصيل الزيارة لا وضوح لفحوى النقاشات


مؤيدو النظام إعلامياً أكدوا أن المصالح السياسية تحتم على القاهرة استقبال ابن سلمان وألا تنصاع للدعوات التي وصفوها بـ«الحنجورية» نظراً إلى دور المملكة في مساندة مصر إبان «ثورة 30 يونيو» وما تلاها من أحداث في مواجهة «إرهاب جماعة الإخوان المسلمين»، مؤكدين أن العلاقات المصرية ـــ السعودية متشعبة ومتداخلة فى كل المجالات، خاصة أن الاستثمارات السعودية في البلاد هي الأعلى عربياً والثانية عالمياً، إذ تقدر بـ٢٧ مليار دولار موزعة على ٢٩٠٠ مشروع.
وللمرة الأولى منذ تظاهرات مناهضة نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، يشهد «التحرير» تظاهرة، لكن هذه المرة مرحبة بولي العهد السعودي الذي ربما لم يلاحظ أصلاً العشرات من سكان منطقتي عابدين والسيدة زينب الذين جلبهم الأمن لانتظار مروره صباحاً، علماً أن سيارته كانت تسير بسرعة كبيرة، كذلك سُمح للموكب بالسير عكس الاتجاه في شوارع رئيسية لتسريع وصوله إلى الجهات المقصودة.
ورغم حفاوة الاستقبال الرئاسي، لم تشهد البلاد أي فعاليات يشارك فيها الضيف، فيما أصدرت الرئاسة المصرية بياناً مقتضباً عن لقاءيه مع «الجنرال» تضمن التصريحات الروتينية الرسمية عن بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها قريباً. مصادر مصرية قالت لـ«الأخبار» إن المناقشات جرت في ثلاث قضايا رئيسية، هي ملف مقتل جمال خاشقجي، والأزمة اليمنية، والوضع لعلاقات «الرباعي العربي» مع الدوحة، مؤكدة أن هناك تواصلاً هاتفياً قريباً بين الرئيس وابن سلمان بعد انتهاء جولة الأخير العربية، وعقب لقائه ملك الأردن، عبد الله الثاني، الأسبوع المقبل، وذلك «لتنسيق المواقف»، مع إمكانية عقد لقاءات ثنائية قريباً.
وباستثناء لقاء وزير الإعلام السعودي ونظيره المصري مع رئيس «المجلس الأعلى للإعلام»، لم تسجل أي لقاءات ثنائية للوفد السعودي الذي كان تقريباً في ما يشبه الاستراحة خلال رحلة الأمير من الرياض التي من المقرر أن تنتهي في الأرجنتين لحضور «قمة العشرين».